الثلاثاء، 22 أبريل 2014

صورة برج الثور
 كتاب عجائب المخلوقات للقزويني من كتب التراث العربي التي وصلتنا منها نسخ كثيرة ترجع إلى عصور متعددة، كثير منها نسخا مزودة بالرسوم والصور، فموضع الكتاب ومادته تفتح المجال أمام الفنان والمزوق لإضافة رسومه التي تجمع بين الجانب التوضيحي والجانب الفني.
 ومن نسخ هذا الكتاب نسخة مخطوطة مصورة تحتفظ بها المكتبة الوطنية في ميونخ بألمانيا، ترجع هذه النسخة إلى القرن الثامن عشر على الأرجح، وتعكس الرسوم المصورة في تلك النسخة آخر مراحل تطور مدرسة التصوير العربي، ويبدو فيها خليطا من المؤثرات الشعبية مع بعض المؤثرات الأجنبية.
 
 وتمثل هذه الصورة برج الثور كما قدمه الفنان الذي رسم المخطوطة، في الصورة رسم تخيلي لثور يبعد تماما عن رسم حيوان الثور الحقيقي، وقد أحاط به إطار زخرفي من الزهور والنباتات، ويحمل وجه الثور ملامح إنسانية بائسة تدعو إلى الشفقة.
 ويرى إتنكهاوزن في كتابه "فن التصوير عند العرب" أن صورة برج الثور هذه تستدعي إلى الذاكرة لوحة بيكاسو الشهيرة جرنيكا التي عبر فيها عن مأساة تلك القرية الإسبانية التي دمرت في الحرب الأهلية الإسبانية، ويستطرد إتنكهاوزن قائلا: "فهذه الصورة المشوهة المبتورة المحزنة يمكن أن تعتبر في الواقع رمزا للنهاية المحزنة التي انتهى إليها التصوير العربي".
 وعلى العكس من ذلك أتصور أن فن التصوير عند العرب كان يتجه إلى "ثورة" فنية منذ القرن السادس عشر، ظهرت آثارها في مجموعة من المخطوطات التي تحرر فيها الفنان من قواعد المدارس التقليدية في التصوير العربي، وبدأ ينتقل بلوحاته إلى آفاق رحبه في التعبير ظهرت فيها المؤثرات الشعبية واضحة، وربما كان هذا يرتبط بانهيار الدولة الراعية للفن، الأمر الذي تأكد مع الاحتلال العثماني، مع انتقال المركز إلى الأستانة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...