الخميس، 27 يوليو 2017

المؤسسات الثقافية وأزمة الحداثة في مصر

المؤسسات الثقافية وأزمة الحداثة في مصر
                                                   عماد أبو غازي
 عندما شرفني قسم علم النفس وكلية الآداب بأن أكون أول المتحدثين في المحاضرة التذكارية للأستاذ الدكتور مصطفى سويف أحسست بعبء المسئولية وبمقدار ما شرفتني به كليتي وأسرة الدكتور سويف، وأحسست بالحيرة في الوقت نفسه، فما الموضوع الذي يمكن أن أتحدث فيه في مثل هذه المناسبة؟ فأنا باحث في التاريخ والوثائق، والدكتور سويف علامة في الدراسات النفسية له مكانته العالية ليس في مصر فقط، إذًا لابد أن أبحث عن مدخل مشترك، وعن قضية تليق بجلال المناسبة وبقدر صاحبها.


 أخذتني الذاكرة بعيدًا إلى السنوات التي عرفت فيها الدكتور سويف، لقد عرفت الاسم قبل أن أعرف الرجل، كان اسم الدكتور سويف يتردد في منزلنا منذ كنت صبيًا، فقد كان أبي ضمن الفريق الذي يقوده الدكتور سويف لإنشاء أكاديمية الفنون في أواخر الستينيات من القرن الماضي، عندما كان الرجل منتدبًا من الجامعة ليشغل منصب وكيل وزارة الثقافة لشئون المعاهد الفنية، وقد وجدت مؤخرًا في أوراق أبي ملفًا يتضمن محاضر اجتماعات اللجنة التي كانت مكلفة بإنشاء الأكاديمية برئاسة الدكتور مصطفى سويف، وسوف أعمل على نشرها في بحث علمي يكشف عن جانب من جهود مصطفى سويف في بناء مؤسسات هذا الوطن، ويكشف المسافة الشاسعة بين الحلم الذي كان يراوده ووضع له الأسس القومية، والحال الذي انتهينا إليه.
 عندما التحقت بكلية الآداب طالبًا عام 1972 رأيت الرجل للمرة الأولى، لكني لم أتعامل معه عن قرب إلا في عام 1984 عندما شكل مجلس الكلية لجنة لإعداد تصور لقانون جديد لتنظيم الجامعات – لم يصدر إلى يومنا هذا – وكانت اللجنة برئاسة الدكتور مصطفى سويف، وكنت ممثلًا للمعيدين فيها، ومن ثم فقد قمت بأعمال سكرتارية اللجنة باعتباري أصغر أعضائها سنًا ودرجة، وخلال عمل اللجنة الذي تواصل لعدة أسابيع عرفت الدكتور سويف عن قرب وتعلمت منه الكثير في إدارة العمل والتنظيم والدقة، وربما تصلح أوراق هذه اللجنة التي ما زلت أحتفظ بصورة منها موضوعًا لبحث آخر يرتبط أيضًا بالأمل والمآل.
 اقتربت منه أكثر وتواصلت علاقتي به عندما انتدبت إلى المجلس الأعلى للثقافة، وكان الدكتور سويف عضوًا بالمجلس الأعلى للثقافة ومقررًا للجنة علم النفس به، التي أصر عندما تولها على فصلها عن لجنة التربية احترامًا للتخصص العلمي الدقيق، وبعد أن تركت العمل العام في نهاية 2011 وحتى قبيل غيابه عن بأسابيع قليلة، كنت ألقاه في منزله على فترات تتقارب أو تتباعد وفقًا لظروفه الصحية، ألقاه لنتحاور في الشأن العام، ولأستمع منه عن آماله فيما بقي له من عمر، وأحلامه لهذا الوطن أن يكون وطنًا يحترم قيم الحق والعدل والحرية، ويحترم الإنسان الذي كان الارتقاء بشأنه هم مصطفى سويف الأول طوال مسيرته.
 اخترت لهذه المحاضرة موضوعًا يتعلق بجانب من اهتمامات الأستاذ الدكتور مصطفى سويف؛ مؤسسات العمل الثقافي وأزمة الحداثة في مصر؛ فقد كان الرجل مشتبكًا مع مؤسساتنا الثقافية ساعيًا لإصلاحها راصدًا لجوانب القصور في عملها، كما كان في كتاباته العامة مهمومًا بقضية انتقال مصر إلى العصر الحديث ومواطن الخلل في هذا الانتقال.
 ومن هنا اخترت أن يكون موضوعي عن الحداثة المشوهة من خلال قراءة في تاريخ مؤسسات الدولة الحديثة في مصر، واخترت له عنوانًا: "المؤسسات الثقافية وأزمة الحداثة في مصر".
 لقد بدأ اهتمامي بإشكالية/الحداثة منذ أكثر من عشرين عامًا، وفي ظني أن الإحباطات المتوالية والانتكاسات التي أصابت مشروعات التحديث ومحاولات النهضة في مصر والمنطقة العربية ما زالت تلقى اهتمامًا من المشتغلين بدراسة تاريخ المنطقة، ومن المعنيين بمستقبلها على حد سواء، فقضية "أزمة النهضة" هي هم مستقبلي بقدر ما هي مبحث تاريخي، والاشتباك مع الإشكالية له زوايا متعددة، رغم أن زمن الحداثة قد ولى.
تنطلق هذه المحاضرة من مسلمة وفرضية...
 المسلمة أن مجتمعنا المصري - وكذلك المجتمعات العربية - قد فشلت على مدى ما يزيد على قرنين من الزمان في إنجاز مهام الحداثة والتحديث، فشلت في مشروع نهضتها المرة تلو المرة.
 أما الفرضية فتتلخص في أن فشل تجارب الحداثة المتوالية ربما يرجع إلى عوامل داخلية أكثر مما يرجع إلى أسباب خارجية.
 لقد جئت إليكم بأفكار وفروض قابلة للإثبات أو النفي، آملًا في أن تكون مناقشاتكم وتعليقاتكم هادية لي في استكمال بحثي.
  ما هي النهضة المقصودة عند الحديث عما وقع منذ أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر؟
  إنها التحديث أو الانتقال من حضارة الموجة الأولى (حضارة الثورة الزراعية) – إذا استعرنا تعبيرات المستقبلي الأمريكي أولفن توفلر – إلى حضارة الموجة الثانية (حضارة الثورة الصناعية) في وقت كانت فيه مقدرات تلك الثورة قد أصبحت في يد الغرب والشمال بالكامل أو كادت..
 ويستدعى السؤال الأول سؤالا ثانيا؛ هل من الضروري أن تمر كل المجتمعات الإنسانية بنفس المراحل التاريخية؟
 وهل كان حتمًا ولزامًا على مجتمعاتنا الشرقية أن تتحول إلى حضارة الموجة الثانية؟ أو بمعنى آخر هل كان علينا أن نخوض تجربة الحداثة، وأن نتحول إلى مجتمعات صناعية حديثة؟
 لقد كان الرأي السائد منذ القرن التاسع عشر أن إعادة صياغة العالم على شاكلة الغرب الأوروبي بات الطريق الوحيد إلى التقدم، إلا أن بعض مدارس نقد الاستشراق حاولت أن تجيب على هذا السؤال إجابة مغايرة، أن تجيب عليه بالنفي، وأن تبرز فكرة الطريق الخاص لتطور كل مجتمع بغض النظر عن النموذج الأوروبي أو الغربي للتطور، وظهرت مقولات ترفض فكرة التقدم المستمر للبشرية، أو على الأقل فكرة الارتباط الحتمي بين التقدم والتحديث على النمط الغربي.
 لكن استقراء أحداث التاريخ الإنساني – للأسف في تقديري – ليس في صالح هذا الاتجاه، فبقدر ما في الاتجاه الأول من سعى لفرض قوالب خارجية وافدة من الغرب الأوروبي على أرجاء العالم المختلفة، بقدر ما في الاتجاه الثاني من تأييد للتخلف في مجتمعاتنا.
 فلكل عصر "كلمة سره" والمجتمعات التي تملك كلمة سر عصر من العصور هي التي يكون لها السبق والريادة، وهى التي تسود في ذلك العصر، لقد كان لمجتمعاتنا في شرق وجنوب المتوسط السبق والريادة في حضارة الموجة الأولى – حضارة الثورة الزراعية – فمعظم إنجازات هذه الثورة قد تحققت في مصر وبلاد الرافدين وآسيا الصغرى للمرة الأولى (الزراعة – استئناس الحيوان – ابتكار الكتابة والأبجدية والأرقام - الدولة) ومن هنا انتقلت تلك المنجزات إلى أنحاء العالم المعروف حينذاك، ومن هنا أيضا كان لمجتمعاتنا السيادة على ذلك العالم لبضع آلاف من السنين، وكان نموذجنا الحضاري هو المثل الأعلى في تلك الحقبة.
 واستمر الحال على ذلك حتى بعد أن انتقلت منجزاتنا الحضارية إلى "الآخر" في الشمال والغرب.. ما تغير فقط هو التنافس والصراع الذي وصل إلى الصدام العنيف في أحيان كثيرة، لكنه صدام بين أنداد، وقد ترجح الكف هنا مرة وترجح هناك مرة أخرى، لكن الأطراف متقاربة في القوة والقدرة.
 وعندما بدأت حضارة الموجة الثانية - حضارة الثورة الصناعية – تغيرت كلمة سر العصر، وفاتنا – للأسف – الإمساك بمقدرات تلك المرحلة الجديدة.
 وعندما أفقنا على تلك الحقيقة؛ وقفنا نتساءل، في البداية كان السؤال: لماذا تقدم الغرب وتأخرنا؟
 ثم تبدل السؤال وأصبح: وهل كان من الضروري أن نسير وفقًا لنمط التطور الأوروبي؟
القضية في تقديري ليست نمطًا أوروبيًا أم نمطًا شرقيًا، ولكنها قضية إنجاز حضاري متمثل في الثورة الصناعية وفى مجموعة من القيم والمبادئ والأفكار التي واكبت عصرها، نسميها "الحداثة" شكلت في مجملها مقدرات القوة في تلك الحقبة؛ وقد أنجز الغرب هذه الثورة ولم ننجزها نحن.
لقد حدث هذا الإنجاز في الغرب انطلاقًا من تطور ذاتي، وكانت الإمكانية الوحيدة لتحقق هذا الإنجاز في الشرق أن نمر به – نحن كذلك – انطلاقًا من تطورنا الذاتي؛ لكن هذا لم يحدث، كما لم يتحقق لنا كذلك النجاح في إنجاز هذا التطور اقتباسًا من الغرب بإرادتنا، أو بالإقحام والفرض علينا.
لماذا إذن كان نصيبنا الفشل؟
 كنت أعتقد دومًا أن السبب في الفشل يرجع إلى عوامل خارجية بالأساس، كنت أبحث عن إجابة على هذا السؤال في تأثير القوى الاستعمارية الغربية وسعيها الدائم لإفشال مشروعات نهضتنا.
 وكانت فكرتي الأساسية تدور حول أن الجذور التاريخية لأزمة "النهضة"، أو لنقل لأزمة التحديث في مصر، تعود إلى ما يقرب من ثلاثة قرون سابقة على التاريخ الذي أعتدنا أن نعتبره بداية لعصر التحديث في مصر والمشرق العربي، وقد أقمت هذا التصور استنادًا إلى رصد تحولات شهدتها مصر في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر كان من الممكن أن تشكل أساسًا اجتماعيًا لتحديث البلاد، وتتلخص مؤشرات التحول في المجتمع المصري، التي حدثت في تلك الفترة المفصلية في تاريخ العالم (أعنى أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر) في تغير في شكل الحيازة الزراعية في مصر لصالح قوى اجتماعية جديدة، وفى تحلل مقومات المجتمع الإقطاعي الشرقي الذى ساد لعدة قرون سابقة لصالح مجتمع جديد، كان الوزن النسبي للقوى المدنية فيه ينمو على حساب القوى العسكرية، كما شهدت البلاد كذلك مؤشرات ثقافية وفكرية مهمة منذ أوائل القرن الخامس عشر يغفلها كل من يبحثون عن الجذور التاريخية للتحديث في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، حيث ظهرت أعمال متميزة في مجالات التأليف التاريخي والتحليل الاقتصادي الاجتماعي لمشكلات المجتمع؛ كانت هذه الأعمال منبئة بتطورات فكرية مهمة فى دلالاتها، خاصة إذا وضعنا في اعتبارنا ما حدث من تحولات على المستوى الاجتماعي.
 إلا أن تلك التحولات والمؤشرات لم يقدر لها أن تستمر بسبب الاحتلال العثماني للمشرق العربي وشمال أفريقيا، والذى قطع الطريق عليها وأدى إلى إجهاضها، فتأجلت مشروعات تحديث المنطقة العربية لما يقرب من ثلاثة قرون، وحينذاك كانت كل محاولات النهضة أو التحديث محكومًا عليها بالفشل، لأن أوانها كان قد فات، بسبب تغير الظروف التاريخية في المنطقة، وبسبب التحولات التي حدثت في  الغرب؛ لقد كانت كل هذه المحاولات المتأخرة لإدراك ما فات مساع صادقة للنهضة لكنها "النهضة المستحيلة"، إنها النهضة التي لا يمكن أن تتحقق مهما حسنت النوايا وتوالت المساعي.
 فقد الاحتلال العثماني قطع الطريق على تطورات اجتماعية وثقافية كانت تختمر في مصر والشام، في وقت كان العالم يتشكل فيه بصورة جديدة، وعندما بدأت محاولات التحديث مرة أخرى مقترنة بمشروعات الاستقلال عن الدولة العثمانية، كان الآخر هناك في الغرب قد وصل إلى نقطة من التطور أمتلك معها القوة التي مكنته من إعاقة التطور المستقل في مناطق أخرى من العالم ومن هنا كانت النهضة حينذاك قد أصبحت "نهضة مستحيلة".
 ومن هنا كان جل تركيزي على العنصر الخارجي في المسئولية عن إعاقة عمليات النهضة أو التحديث في مجتمعنا:
 فتجربة محمد علي باشا التي بدأت في مطلع القرن التاسع عشر أجهضتها معاهدة لندن التي فرضتها الدول الأوروبية على الباشا فحجمت مشروعه وأعادته إلى حدوده.
 كذلك أنهت أزمة الدين الخارجي المحاولة الثانية للنهضة والتي بدأت في عهد سعيد باشا مرتبطة بالإطار العثماني للتحديث وتطورت بشكل واضح في عصر الخديوي إسماعيل، ووصلت ذروتها مع الثورة العرابية، وانتهت هذه المحاولة بالاحتلال البريطاني لمصر سنة 1882.
 أما التجربة الثالثة التي بلغت ذروتها في المرحلة الليبرالية فقد أسهم في إجهاضها بشكل واضح مساندة سلطة الاحتلال لمساعي الملكية الاستبدادية للاعتداء على الدستور المرة بعد المرة، لتنتهي هذه المرحلة بفشل التجربة.
 كذلك انتهت التجربة الرابعة في العصر الشمولي بعدوان عسكري إسرائيلي مدعوم بشكل واضح من الولايات المتحدة في عام 1967.
 كان العنصر الخارجي واضحًا في كل التجارب، لكن سنوات من البحث جعلتني أتوجه وجهة أخرى، فربما يرجع جزء كبير من مسئولية الفشل إلى عوامل داخلية، مكنت الآخر الخارجي من تحقيق أهدافه، عوامل ترتبط بشكل أساسي بالمنظومة الثقافية في مجتمعنا؛ المؤسسات والقيم، وعندما أتحدث عن المؤسسات هنا أعني مؤسسات الثقافة والتعليم التي تتحمل المسئولية عن تشكيل الأساس الفكري والمعرفي لبناء المجتمع الحديث بدولته القومية القائمة على مبادئ المواطنة.

 السؤال هنا، ما الهدف من إنشاء هذه المؤسسات؟ وهل نجحت في تحقيق هذا الهدف؟
 افتتاحية المحاضرة التذكارية للدكتور مصطفى سويف الاثنين 17 يوليو 2017 كلية الآداب.

السبت، 15 يوليو 2017

صورة اليابان في فكر النخبة السياسية والثقافية المصرية

الورقة اللي قلتها النهارده في مؤتمر "تجارب الحداثة والتحديث خارج العالم الغربي" اللي بينظمها مركز الدراسات اليابانية في كلية الآداب جامعة القاهرة...

صورة اليابان في فكر النخبة السياسية والثقافية المصرية

عماد أبو غازي
 في البداية لابد من أن أشير إلى أن من لفت انتباهي لهذا الموضوع كان استاذي الراحل الدكتور محمد أنيس منذ قرابة أربعين عامًا، عندما قدم ورقة بحثية بعنوان: "حول الخبرة المتبادلة بين بزوغ اليابان ومصر"، في المؤتمر الأول للعلاقات العربية اليابانية الذي عقد بطوكيو في ربيع 1979، تناول فيه بالمقارنة خبرة المصريين بالنهضة اليابانية مقابل خبرة اليابانيين بالنهضة المصرية، وكان يرى أن مصر قدمت لليابان تجربة لم تكلل بالنجاح لكنها صادقة، بينما قدمت اليابان لمصر تجربة ناجحة لكنها خادعة؛ وفي نفس العام وجهني أستاذي لتسجيل بحث استكمال متطلبات الحصول على دبلوم الدراسات العربية في التاريخ في موضوع يتعلق بالنهضة اليابانية، وقد كان، فأنجزت في عام 1980 بحثي بعنوان: "اليابان الحديثة – دراسة في تطور الاستعمار الياباني.

الدكتور محمد أنيس
 وبعد؛ فقد شهد القرن التاسع عشر عدة محاولات خارج العالم الغربي للانتقال إلى المجتمعات الحديثة، مجتمعات عصر الثورة الصناعية، بقول آخر شهدت بلدان عدة تجارب للتحديث، والدخول في زمن الحداثة.
 ومن التجارب المتقاربة زمنيًا للتحديث هناك تجربتان؛ الأولى التجربة المصرية التي بدأت حلقتها الأساسية في النصف الأول من القرن التاسع عشر في عهد محمد علي باشا.

محمد علي باشا
 والثانية التجربة اليابانية التي بدأت حلقتها الأساسية حول منتصف القرن التاسع عشر وانطلقت مع عصر ميجي.


 وإن كانت هناك ارهاصات سابقة لهذا التحول في كلا المجتمعين المصري والياباني ترجع إلى القرن الثامن عشر.
 وقد ارتبطت التجربتان بالاحتكاك بين مجتمعينا الشرقيين من ناحية والغرب الأوروبي من ناحية أخرى، وكان الاحتكاك يحمل جانبًا من القهر والإرغام من الطرف الأوروبي في مرحلة التوسع الاستعماري والتنافس الأوروبي على فتح أسواق العالم والاستيلاء على موارده الطبيعية، بعد الثورة الصناعية في أوروبا.
  كما كان لكل من اليابان ومصر تراث حضاري قديم، وتقاليد ثقافية تختلف عن قيم الثقافة الأوروبية الحديثة في عصر الثورة الصناعية، وكان لكل منهما تجربتها في التعامل مع الحضارة الصناعية الحديثة.
 وفي الوقت الذي حققت فيه تجربة الانتقال للحداثة في اليابان نجاحات مبكرة ومتواصلة واستطاعت أن تستعيد توازنها وتنطلق من جديد بعد مأساة الحرب العالمية الثانية؛ فإن التجربة المصرية أصيبت بانتكاسات متوالية، مثلها في ذلك مثل التجارب العربية الأخرى، ولم تنجح أي منها في الانتقال إلى حضارة العصر الصناعي وثقافته انتقالًا كاملًا.
 هذا وقد شهد القرن التاسع عشر كذلك بدايات التعارف بين المجتمعين المصري والياباني في العصر الحديث، ومحاولات استكشاف كل منهما للآخر. بدأت كل من مصر واليابان تنظر إلى الأخرى، وإلى تجربتها في النهضة، وقد كان انتباه اليابان إلى التجربة المصرية مبكرًا، في مطلع الستينيات من القرن التاسع عشر عندما زارت مصر بعثة من الساموراي كانت في طريقها إلى أوروبا، ثم جاءت بعثة أخرى للوقوف على جوانب من تجربة التحديث والتعامل مع الغرب عندنا، بهدف الاستفادة منها في اليابان.



 وفي هذا البحث محاولة للتعرف على صورة اليابان في فكر النخبة السياسية والثقافية في مصر من خلال قراءة في بعض النصوص السياسية والإبداعية المبكرة التي ترجع إلى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين؛
 لقد تمحورت صورة اليابان في الفكر المصري المعاصر حول ما يجمع بين مصر واليابان من سمات مشتركة، فكلاهما بلد له حضارة قديمة وتقاليد راسخة، وكلاهما اصطدم بالغرب، وكلاهما سعى للحاق بالعصر الصناعي؛ جاء انتباه مصر لليابان مع أواخر القرن التاسع عشر، ومراجعة فهارس الدوريات التي كانت تصدر في مصر أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، مثل: المقتطف والمقطم والهلال والموسوعات، ثم السياسة الأسبوعية في مرحلة تالية، تكشف لنا عن اهتمام بالتعرف على ذلك البلد البعيد، حيث تحفل هذه الدوريات بالمواد المتنوعة عن تاريخ اليابان ونهضتها الحديثة، وعن أوجه الحياة المختلفة فيها.
 ومع انتصار اليابان على روسيا في الحرب الروسية اليابانية في سنتي 1904 - 1905، تحول الاهتمام إلى إعجاب وانبهار بالتجربة اليابانية المبكرة في الانتقال إلى المجتمع الصناعي الحديث، وفي انجاز مشروعها في الحداثة، ذلك الانتصار الذي رأى فيه الوطنيون المصريون وقتها بادرة أمل، وإشارة إلى إمكانية أن يتفوق الشرق على الغرب، ومن يومها استقرت التجربة اليابانية في العقل المصري والعربي، وكان لنجاح اليابان الفذ في الخروج من مأساة الهزيمة في الحرب العالمية الثانية بسرعة، وانطلاقها لتصبح ضمن الثمانية الكبار في العالم، أثرًا إضافيًا في رسوخ صورة اليابان في الوجدان المصري، كحضارة شرقية قادرة على التحدي وإثبات الذات.
 إن تقديم التجربة اليابانية من قبل النخبة للمصريين كنموذج يمكن تكراره لتحقيق النهضة الحديثة أمر يعود إلى بدايات القرن الماضي ونجد هذه الفكرة واضحة لدى الزعيم الوطني المصري مصطفى كامل في كتابه الشمس المشرقة الذي صدر سنة 1904 في أعقاب الانتصارات اليابانية الأولى في الحرب، وكذلك في رسائله لصديقته الفرنسية جوليت آدم، والتي يبدو فيها بوضوح أن هدف مصطفى كامل من تأليف كتابه الشمس المشرقة كان حس المصريين على النظر إلى الأمة اليابانية والتطلع إلى تحقيق مثل ما حققته، واحتذاء نموذجها وطريقها الأمر الذي ذكره بوضوح في إحدى رسائله إلى مدام آدم في 18 مارس سنة 1904، عندما قال: "إنني أبذل الآن جهدي في وضع سفر عربي عن اليابان ورقيها الحديث ووطنيتها لأنني أريد أبين للشعب كيف يرقى وأشجعه في مجهوداته الحاضرة".


 وقد عقد كامل في هذا الكتاب مقارنة بين الأمة المصرية والأمة اليابانية واستعرض فيه تاريخ اليابان ونهضتها الحديثة، وأفرد مساحة واضحة لتطور التعليم في اليابان باعتباره مدخلًا ضروريًا لتحقيق النهضة، وهي الفكرة التي كان يركز عليها قطاع أساسي من النخبة المصرية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
 وقد تكررت فكرة استلهام النموذج الياباني في النهضة في قصيدة لأمير الشعراء أحمد شوقي بعد عشرين عامًا على كتاب مصطفى كامل الشمس المشرقة؛ فقد كتب أحمد شوقي قصيدته التي تحمل عنوان "مصر تجدد مجدها بنسائها المتجددات"، وقد أُلقيت القصيدة في مسرح حديقة الأزبكية في حشد نسائي بمناسبة انطلاق النشاط الاجتماعي للمرأة، حيث تأسس في مارس من العام السابق، أي عام 1923 الاتحاد النسائي المصري.

شوقي
 ورغم أن القصيدة التي استهلها بقوله: "قم حيّ هذي النيرات" تركز على الهجوم على الحضارة الغربية، وتشيد بوضع المرأة في الحضارة الإسلامية في عصور ازدهارها، فإن شوقي اعتبر في بعض أبيات القصيدة تجربة اليابان مصدرًا لإلهام مصر في نهضتها، فيقول:
وإذا خطبت فلا تكن    خطبًا على مصر الفتاة 
اذكر لها اليابان لا         أمم الهوى المتهتكات 
ماذا لقيت من الحضـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارة يا أخي الترهات 
لم تلق غير الرق من    عسر على الشرقي عات 
 لقد كان الانتصار الياباني على روسيا من وجهة نظر النخبة المصرية أول انتصار عسكري لدولة تنتمي لعالم الشرق على دولة أوروبية، ومن أبرز النماذج التي تعبر عن هذه الرؤية؛ هذا الاقتباس من مقدمة كتاب الشمس المشرقة:
 "كأن البعض منا معاشر الشرقيين يقول، ويلقن هذا القول للصغار والكبار، إننا أمم انقضى دورها، ودالت الأيام على مدنيتها، ومحا الزمان وجودها السياسي، وليس في وسعها التسلح بمدنية أوروبا ومقارنتها بها، وإنه لابد من الاستسلام للغرب وقبول حكمه وسلطانه بلا عمل للحاضر وبغير جهاد في سبيل المستقبل، فقامت أمة اليابان مكذبة لهذه الدعوة، منادية الشرقيين أجمعين بأن طريق الارتقاء ميسرة لقصاده، وأن من جد وجد وكل من سار على الدرب وصل، وتساءل الناس بدهشة وعجب: من هذا الشعب الذي خرج من القبور ليزعج الأحياء بأصوات مدافعه وقنابله وحركات جنوده في البحر والبر، ومطالب ساسته وتغلبه على الدولة التي ظنت وظن العالم معها أنها لا تغلب، وفوزه هذا الفوز الذي حارت فيه العقول وكادت الدنيا أن ترتاب فيه، وكيف أدرك هذا الشأو في سنوات قلائل، وجارى الغرب في أمور وسبقه في أخرى."
 وهي نفس الفكرة التي رددها شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدة له نشرها في نوفمبر من العام نفسه تحدث فيها عن عودة الشرق بقوة إلى التاريخ بفضل انتصار اليابان، وجاء فيها:
أتى على الشرق حينٌ           إذا ما ذُكر الأحياءُ لا يذكرُ
ومر بالشرق زمانٌ وما         يمرُ بالبال ولا يخطرُ
حتى أعاد الصفرُ أيامه    فانتصف الأسودُ والأسمرُ
فرحمة اللهِ على أمةٍ       يروي لها التاريخُ ما يؤثرُ


حافظ
 وكان حافظ إبراهيم فقد نظم قبلها بشهور قصيدته الشهيرة "غادة اليابان" ونشرها في 6 أبريل 1904، وقال في مطلعها:
  لا تلم كفي إذا السيف نبا   صح مني العزمُ والدهرُ أبى
وكانت القصيدة تروي في شكل حواري قصة فتاة يابانية ومحبوبها، حيث تقرر الفتاة العودة إلى الوطن لتتطوع في الحرب مشاركة لشعبها في معركته؛ وتقول القصيدة على لسان الفتاة:
 أنا يابانية لا أنثني   عن مرادي أو أذوق العطبا
أنا إن لم أحسن الرمي ولم     تستطع كفاي تقليب الظبا
أخدم الجرحى وأقضي حقهم   وأواسي في الوغا من نُكبا
هكذا الميكادو قد علمنا   أن نرى الأوطان أمًا وأبا
 ويبدو أن الانبهار بالتجربة اليابانية مع الانتصارات الأولى لليابان على روسيا في الحرب قد امتد إلى قطاعات واسعة من الجمهور، ففي مقال للكاتب المصري عباس محمود العقاد بعنوان "المشرق قبل 50 سنة وبعد 50 سنة" نشره في مقاله الذي كان يحمل عنوان اليوميات بجريدة الأخبار القاهرية بتاريخ 19 نوفمبر سنة 1955، قال: "كنا في نحو الخامسة عشرة يوم نشبت الحرب بين اليابان وروسيا، وكنا نتلقف الصحف لنقرأ فيها أخبار انتصارها في البر والبحر، وأخبار وقائعها الحاسمة حول المعاقل الكبرى في الشرق الأقصى، ولا نذكر أن الشرق من أقصاه إلى أقصاه شملته هزة من الفرح كتلك الهزة التي شملته أثناء الحرب اليابانية الروسية، لأنه اعتبرها حربًا شرقية غربية، وإن لم تكن روسيا مثلًا صحيحًا للغربيين أو الأوروبيين".

العقاد
 ويقول العقاد في موضع آخر من المقال نفسه: "وهاجرت من مصر طائفة من الشبان للتطوع في جيش اليابان، وبقي منهم شاب هناك تزوج من يابانية واسمه محمد فضلي على ما أذكر فثابر على الكتابة إلى الصحف المصرية زمنًا وبقي غيره ممن عاشوا هناك ولم يكتبوا إلى الصحف، وسمعنا أن بعضهم عاد بعد حين."
 ومن الجدير بالذكر أن هذا الاهتمام بالتجربة اليابانية ومقارنتها بتجارب التحديث المصرية ظل حاضرًا لسنوات في فكر النخبة المصرية، فنجده يظهر في مطلع الستينيات من القرن العشرين في الوثيقة السياسية الأساسية لنظام جمال عبد الناصر: "الميثاق الوطني"، فعندما تعرض الميثاق الوطني لجذور النضال المصري قارن بين تجربة اليابان في النمو وفشل التجربة المصرية في أيام محمد علي، واعتبر التجربة اليابانية تجربة ناجحة في النمو فشلت مصر في القيام بمثيل لها بسبب المغامرات الفردية؛ يقول الميثاق الوطني: "إن اليابان الحديثة بدأت تقدمها في نفس الوقت الذي بدأت فيه حركة اليقظة المصرية، وبينما استطاع التقدم الياباني أن يمضي ثابت الخطى، فإن المغامرات الفردية عرقلت حركة اليقظة المصرية وأصابتها بنكسة ألحقت بها أفدح الأضرار، إن هذه النكسة فتحت الباب للتدخل الأجنبي في مصر على مصرعيه، بينما كان الشعب قبلها قد رد بتصميم ونجاح محاولات غزو متوالية كان أقربها في ذلك الوقت حملة فريزر ضد رشيد".
وقد عاد المفكر والجغرافي المصري جمال حمدان إلى هذه المقارنة مرة أخرى في مقال له عن الدولة العصرية نشره في مجلة الفكر المعاصر في عدد يوليو 1968، ثم تكررت المقارنة مرارًا في كتابات مفكرين وساسة ومبدعين مصريين.
 وأصبحنا أمام ظاهرة واضحة، نجد فيها أن عددًا من المفكرين والساسة والمبدعين المصريين والعرب قد أصيبوا بما يمكن أن نسميه الاستلاب الفكري تجاه اليابان، ففي الوقت الذي كانت فيه بلدانهم تعاني من النهب الاستعماري والاحتلال العسكري والتبعية والتخلف الشديد بزغت في الشرق الأقصى دولة لا تنتمي إلى الدول الأوروبية، استطاعت أن تدخل في لعبة تقسيم العالم قبل الحرب العالمية الأولى، وأن تصبح طرفًا يحسب حسابه في التوازنات الدولية في منطقة الشرق الأقصى على الأقل. كما استطاعت اليابان قبل هذا كله أن تحقق نهضة شاملة انتقلت بها من العصور الوسطى إلى العصر الحديث، فأعجب بها مفكرونا وساستنا ومبدعونا إلا قليل.
السؤال الذي يسعى هذا البحث إلى الإجابة عليه: هل كانت قراءة النخبة المصرية للتجربة اليابانية قراءة تاريخية؟

الجمعة، 7 يوليو 2017

الدولة والثقافة في مصر رؤية في الإصلاح المؤسسي

الدولة والثقافة في مصر
رؤية في الإصلاح المؤسسي
 مقالي في أحوال مصرية عدد صيف 2017
عماد أبو غازي

1)      نشأة المؤسسات الثقافية الحديثة في مصر وتطورها
  ترجع نشأة مؤسسات العمل الثقافي الحديثة في مصر إلى القرن التاسع عشر؛ فمع مشروع محمد علي للتحديث عرفت مصر النواة الأولى لهذه المؤسسات؛ حيث ينسب لعصره وضع أسس الدولة المصرية الحديثة عمومًا، ومن بينها المؤسسات الثقافية؛ فبعد ثورة 1805 التي أتت بمحمد علي إلى حكم مصر اتبع الباشا تدريجيًا سياسات جديدة أعادت صياغة المجتمع المصري استنادًا إلى التراكمات التي حدثت في السنوات السابقة على حكمه، وفي هذا السياق ظهرت النواة الأولى للمؤسسات الثقافية الحديثة في مصر، التي ترتبط ببناء الدولة القومية؛ وقد تطورت هذه المؤسسات في عهود خلفائه، ولم ينتهي القرن التاسع عشر قبل أن تكتمل في مصر بنية هذه المؤسسات الثقافية الكبرى، ومع بعثاته للخارج والمدارس الحديثة التي أنشأها تكونت نخبة ثقافية جديدة، كما بدأ مشروع الترجمة الذي قاده رفاعة الطهطاوي معتمدًا على هذه النخبة التي تعلمت تعليمًا أوروبيًا حديثًا، ورغم أن كل هذه المشروعات الثقافية ارتبطت بمشروع محمد علي السياسي وتأرجحت نموًا وانحسارًا بتأرجح مشروعه، إلا أنها صنعت بمعنى ما مصر جديدة مختلفة ثقافيًا عن تلك التي كانت في بداية عهده.
 ففي عام 1829 أنشأ محمد علي باشا كتب خانة (مكتبة) بالقلعة لاستخدامه الشخصي واستخدام كبار رجال دولته، كانت نواة من نويات الكتب خانة الخديوية فيما بعد، وفي نفس العام أنشأ ديوان الدفترخانة الذي أصبح بمثابة الأرشيف القومي للدولة لسنوات طويلة، وبعدها بسنوات تأسس أول متحف للآثار القديمة استجابة لدعوة رفاعة الطهطاوي، وكانت مصر قد عرفت كذلك في عهده الصناعات الثقافية الحديثة عندما أنشأ مطبعة بولاق سنة 1822 لتدخل مصر عصر الكتاب المطبوع.
 ولم يقتصر الدور الذي قامت به الدولة في القرن التاسع عشر على ذلك، ففي عصر إسماعيل تأسست دار الأوبرا المصرية، والكتب خانة الخديوية، ودار الآثار الإسلامية، كما عرفت مصر كذلك ظهور المصالح الحكومية ذات الصلة بالثقافة بداية بمصلحة الآثار، وقبل نهاية القرن تأسس المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية.
 وفي النصف الأول من القرن العشرين توالى إنشاء المتاحف التابعة للدولة، كما تأسست مراقبة للفنون الجميلة بوزارة المعارف العمومية، حملت مسئولية جزء من القطاع الثقافي التابع للدولة؛ ففي أعقاب الثورة المصرية وصدور دستور 1923 بدأت الدولة تهتم بمجال الفنون الجميلة وانقسم الإشراف عليه بين وزارتي الأشغال والمعارف، وفي المرحلة الأولى كانت الدولة تتعامل مع الفنون الجميلة من خلال لجان استشارية تضم بعض الفنانين المصريين وبعض المهتمين بالفنون لوضع الخطط واقتراح السياسات، وربما كانت أولى هذه اللجان لجنة الفنون الجميلة التي تشكلت بقرار من وزير المعارف سنة 1924، وكان من أهم ما أنيط بها القيام به: العناية بشؤون البعثات الفنية واختيار المبعوثين، وتنظيم مدرسة الفنون الأهلية، وتقرير اعتماد ثابت للفنون، وتبنت اللجنة الدعوة لإنشاء مراقبة للفنون الجميلة تتبع وزارة المعارف الأمر الذي تحقق فيما بعد؛ فخلال تولي علي الشمسي باشا لوزارة المعارف صدر قرار إنشاء مكتب خاص للفنون الجميلة يتبع وزارة المعارف، كان الأساس للمراقبة العامة للفنون الجميلة فيما بعد، بناء على اقتراح اللجنة الاستشارية، وقد تغير مسمى هذه المراقبة لتصبح الإدارة العامة للفنون الجميلة.
 وفي عام 1926 صدر مرسوم ملكي بإنشاء لجنة استشارية جديدة للفنون الجميلة لها سلطة بحث "المشروعات والوسائل الخاصة بتعليم الفنون الجميلة وإنشاء المتاحف واقتناء الطرف الفنية وإقامة المعارض ونظام البعثات للخارج". وقد وضعت اللجنة لائحة للبعثات، كما وضعت تقريرًا عن سياسة لاقتناء الدولة للأعمال الفنية، وأوصت بتقرير مخصص للفنون الجميلة في ميزانية الدولة، كما دعت لأنشاء متحف الفن الحديث الذي تجمعت نواته الأولى من أعمال جيل الرواد والمبعوثين الأوائل.
 وفي سنة 1949 تعود اللجنة الاستشارية للفنون الجميلة للحياة بتشكيل جديد، ويرأسها محمد محمود خليل بك رئيس جمعية محبي الفنون الجميلة، وتشكلت اللجنة هذه المرة أيضًا بمرسوم ملكي، وكانت تتولى مجموعة من المهام مثل إنشاء الجوائز الفنية وحماية المواقع التاريخية والمناظر الطبيعية والميادين العامة وما يقام بها من منشآت وتماثيل، كما كانت تتولى مهمة إنشاء المتاحف واقتناء الأعمال الفنية، وتنظيم المعارض في مصر وتحديد مشاركات مصر في المعارض الخارجية، فضلًا عن اقتراح سياسة تعليم الفنون الجميلة، وإعانة الجمعيات الفنية ودعمها، وكانت الدولة ممثلة في علي أيوب باشا وزير المعارف ترى أن الإدارات الحكومية عاجزة عن وضع رؤية لسياسة تنمية الفنون الجميلة والنهوض بها، ومن ثم فإن اللجنة الاستشارية للفنون الجميلة يقع عليها عبء التخطيط واقتراح السياسات، وعلى الأجهزة الحكومية التنفيذ، وقد تبنت الدولة في ذلك الوقت مقترح رئيس اللجنة الاستشارية بالتوسع في إقامة متاحف للفنون الجميلة في عواصم محافظات مصر ومدنها الكبرى، بدءً بالإسكندرية وبورسعيد والسويس لكن العمل توقف بعد ذلك.
 ومن الجدير بالذكر هنا أنه طوال الحقبة الليبرالية كانت جمعية محبي الفنون الجميلة تقوم بدور المعاون في رسم سياسة الدولة في مجال الفنون، وفي إقامة المعارض وفي تأسيس متحف الفن الحديث، واللافت للنظر أيضًا أن اللجان في معظمها جمعت ما بين العناية بالفنون التشكيلية وفنون الموسيقى والتمثيل.
2)      إنشاء وزارة للثقافة
 عرفت مصر وزارة الثقافة تحت هذا المسمى لأول مرة عام 1958، وكان النظام الجديد بعد يوليو 1952 قد أنشأ وزارة باسم وزارة الإرشاد القومي تولاها عند تأسيسها في نوفمبر 1952 السياسي المخضرم فتحي رضوان، لأسابيع قليلة، ثم عاد ليتولاها لمدة عامين من يونيو 1956 إلى أكتوبر عام 1958؛ ويبدو أن فكرة وزارة الإرشاد القومي جاءت باقتراح منه، والاسم الذي حملته الوزارة يحمل دلالة مهمة، فهي وزارة تتولى مسئولية التوجيه وصياغة العقل المصري.
 وبدأ تدريجيًا إنشاء مؤسسات حكومية جديدة للعمل الثقافي أضيفت لما سبق تأسيسه طوال ما يقارب مائة وثلاثين عامًا منذ العشرينيات من القرن التاسع عشر، فتأسست مصلحة الفنون سنة 1955 كجزء من وزارة الإرشاد القومي، ثم صدر قرار إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب كمجلس استشاري لرئاسة الوزراء سنة 1956.
 وفي 25 يونيو عام 1958 أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارًا جمهوريًا يعيد به تنظيم وزارة الإرشاد القومي، بحيث أصبحت تتكون من ديوان عام الوزارة، ومصلحة الفنون، بالإضافة إلى الإدارات والمؤسسات العامة التي كانت تتبع الوزارة من قبل، وهي: الإدارة العامة للشئون الثقافية، ومركز الفنون الشعبية، ومركز الوثائق التاريخية، ومؤسسة دعم السينما.
 كما تم ضم مصلحة الآثار ومركز تسجيل الآثار بالإقليم المصري إلى وزارة الإرشاد القومي نقلًا من وزارة التربية والتعليم، وتقرر أيضًا نقل عددًا من المؤسسات والأقسام من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة الإرشاد القومي، وهي: مؤسسة الثقافة الشعبية، ودار الكتب القومية ومطبعتها، وأقسام: التأليف والترجمة، ونشر التراث القديم ودائرة المعارف، والنشرة الثقافية والمحاضرات والندوات، وشراء المقتنيات الفنية وجوائز الفنانين، من الإدارة العامة للثقافة بوزارة التربية والتعليم، كما نقلت خمسة أقسام من الإدارة الهامة للفنون الجميلة بالوزارة نفسها إلى وزارة الإرشاد وهي: قسم المتاحف ويتبعه متحف الفن الحديث، وقسم الفنون التشكيلية والتطبيقية، ومركز إحياء الفنون القديمة، وقسم المعارض الدولية والمحلية في مصر والخارج، وقسم مراسم الفنانين، وقسم الأدلاء والتراجمة، ومصنع صب القوالب. وتم نقل تبعية متحف الحضارة ومتحف الجزيرة ومتحف بيت الأمة وضريح مصطفى كامل من مصلحة السياحة بوزارة الاقتصاد والتجارة إلى وزارة الإرشاد القومي. كذلك انتقل إلى تبعية الوزارة معهد التمثيل المسائي والنهاري، ومعهد الموسيقى العربية.
 وفي اليوم التالي، أي يوم 26 يونيو 1958، صدر قرار جديد من رئيس الجمهورية بتغيير مسمى الوزارة؛ فأصبحت تسمى وزارة الثقافة والإرشاد القومي، ورغم أن فتحي رضوان استمر وزيرًا للثقافة والإرشاد القومي لعدة شهور بعد هذا التعديل إلا أن اسم وزارة الثقافة ارتبط بمثقف بارز آخر؛ فقد تولاها في أكتوبر من نفس العام أحد الضباط الأحرار، وهو الدكتور ثروت عكاشة بعد تغيير مسماها إلى وزارة الثقافة بأشهر قليلة، ويعد الدكتور ثروت عكاشة الأب المؤسس لمعظم مؤسسات وزارة الثقافة، وصاحب الرؤية الواضحة في بناء الوزارة ووضع أسس عملها، وقد تولى الوزارة لفترتين منفصلتين، الأولى من عام 1958 حتى عام 1962، والثانية من عام 1966 حتى عام 1970.
 وقد تولى مسئولية الثقافة والإرشاد بين الفترتين رجل آخر من ضباط يوليو هو الدكتور عبد القادر حاتم الذي ينسب إليه تأسيس التلفزيون المصري، وقد اختلفت رؤية الرجلين، ففي الوقت الذي ركز فيه الدكتور ثروت عكاشة على البناء المؤسسي لأجهزة وزارة الثقافة، وتعامل فيه مع الثقافة باعتبارها مكون أساسي في بناء الدولة، وسعى لترسيخ دور الدولة في تقديم الخدمات الثقافية للمواطنين، فإن الدكتور عبد القادر حاتم قد اهتم بشكل كبير بالإعلام وجعله أولوية أولى في عمله في فترات توليه للوزارة في الستينيات ثم في السبعينات.
 هذا وقد مرت وزارة الثقافة المصرية منذ تأسست عام 1958 بتطورات متعددة في هياكلها التنظيمية، خاصة في علاقتها بوزارة الإرشاد القومي (الإعلام فيما بعد)، فما بين الدمج والفصل بين الوزارتين تغيير وضع وزارة الثقافة أكثر من مرة، وربما كانت حقبة السبعينيات أكثر الفترات التي شهدت تغيرًا واضحًا في اتجاهات العمل بوزارة الثقافة، فمن ناحية غلب الميل لاتجاه الإعلام على حساب الثقافة، ومن ناحية أخرى اتسعت الفجوة بين قطاع من النخبة المثقفة ومؤسسات الدولة الثقافية خاصة منذ مايو 1971، وفي نفس الوقت تراجع دور الدولة في العمل الثقافي لتنتهي تلك المرحلة بإلغاء وزارة الثقافة ليحل محلها المجلس الأعلى للثقافة مع الإبقاء على هيئة الآثار وهيئة الكتاب وتحويل تبعية قصور الثقافة للمحليات، وتحول وزير الثقافة إلى وزير دولة للثقافة والإعلام، وكان صاحب هذا المشروع منصور حسن الذي تولى الوزارة في أواخر السبعينيات، وقد جاء ذلك في سياق سياسة جديدة للدولة لإلغاء الوزارات الخدمية وتحويلها إلى وزارات دولة، وتولي المحليات جزءًا أساسيًا من مسئولية القطاع الخدمي، وكان لهذ الاتجاه وجهه الإيجاب، لكنه لم يكتمل.
 ومع السنوات الأولى للثمانينيات بدأت سياسة ثقافية جديدة للدولة، قامت على استخدام الثقافة كمدخل لاستعادة وجود مصر في العالم العربي بعد المقاطعة التي بدأت مع كامب ديفيد، وعلى مستوى الداخل السعي نحو التصالح مع المثقفين بمختلف اتجاهاتهم والعمل على استعادتهم لمؤسسات الدولة الثقافية، وعادت وزارة الثقافة ككيان قائم ضمن وزارات الدولة المصرية منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، وفي أعقاب ثورة 25 يناير 2011 تم فصل الآثار عن الثقافة وأصبح هناك وزير دولة للآثار يشرف على عمل المجلس الأعلى للآثار.
 لقد ضمت وزارة الثقافة – كما رأينا - منذ البداية مجموعة من الكيانات الحكومية التي كانت قائمة وتتبع وزارات أخرى، كما استحدثت الوزارة كيانات جديدة لم تكن موجودة، وطورت كيانات أخرى لتأخذ أبعادًا جديدة لدورها في العمل الثقافي، كذلك ضمت إليها بعض الكيانات الخاصة العاملة في مجال الصناعات الثقافية، والتي تم تأميمها في الستينيات، خاصة صناعة الكتاب والنشر وصناعة السينما.
 الخلاصة أنه طوال قرابة ستين عامًا من عمر هذه الوزارة تغيرت هياكلها التنظيمية عدة مرات إلى أن استقرت مؤخرًا على الوضع الذي يوضحه الشكل التالي:
شكل (1) الهيكل الحالي لهيئات وزارة الثقافة وقطاعاتها الرئيسية
 وإذا كانت وزارة الثقافة هي الوزارة المنوط بها بشكل أساسي أعباء العمل الثقافي الحكومي في مصر، فإنها بالتأكيد لا تنفرد بتشكيل ثقافة المجتمع أو ثقافة المواطن، فهناك وزارات ومؤسسات حكومية أخرى تلعب دورًا مهمًا في هذا المجال أو يفترض فيها أن تقوم بهذا الدور كل في مجال اختصاصه.
  هذا ومنذ البداية سار العمل الثقافي في ثلاثة مسارات متوازية ومتفاعلة في آن واحد: المسار الحكومي والمسار الأهلي والمسار الخاص الربحي المرتبط بالصناعات الثقافية؛ ففي القرن التاسع عشر بدأت مصر تعرف الصناعات الثقافية الحديثة في مجالات صناعة الكتاب والنشر، ثم صناعة الموسيقى والغناء، كما ظهرت الفرق المسرحية الخاصة، وبعد اختراع السينما في أواخر القرن التاسع عشر بسنوات قليلة ظهرت صناعة السينما في مصر، كذلك الكيانات العاملة في مجال تسويق الفنون التشكيلية، وقد بدأت هذه الصناعات على أيدي غير المصريين لكن سرعان ما دخل المصريون إلى عالمها.
 وفي القرن التاسع عشر أيضًا ظهرت الجمعيات الأهلية العاملة في المجال الثقافي، وأسهمت بعض هذه الجمعيات خلال النصف الأول من القرن العشرين في إنشاء بعض المشروعات الثقافية الكبرى في مصر.
 وإلى جانب هذه القطاعات الثلاثة العاملة في المجال الثقافي: القطاع الحكومي والقطاع الخاص والقطاع الأهلي، هناك أيضا جماعات المصالح من نقابات واتحادات وغرف صناعة وجمعيات والتي تعبر عن العاملين في الحقل الثقافي وتدافع عن مصالحهم.
 وهناك أيضًا المؤسسات الثقافية الأجنبية العاملة في مصر، والتي تتنوع هي الأخرى ما بين مراكز ثقافية حكومية ومؤسسات أهلية وشركات للإنتاج الثقافي.
 ورغم أن العمل الثقافي ظل دومًا قائمًا على هذه القطاعات مجتمعة إلا أن المرحلة الشمولية شهدت سيطرة للدولة على كل القطاعات من خلال بنية تشريعية تخضع كل هذه المؤسسات لأشكال متعددة من رقابة الدولة وقدرتها على التدخل في عملها؛ حيث تتحكم في العمل الثقافي في مصر بنية تشريعية تتضمن مجموعة من القوانين واللوائح والقرارات الجمهورية والقرارات الوزارية، وهذه المجموعات من القوانين والتشريعات صدرت على مدى ما يقرب من قرنين من الزمان وأدخلت عليها تعديلات متعددة، وكثير من هذه التشريعات يحتاج إلى المراجعة الآن للتخلص من آثار الحقبة الشمولية في التشريع، ولتعبر هذه التشريعات عن مرحلة جديدة بحق، وربما كان من أول التشريعات التي تحتاج إلى التغيير القوانين المنظمة للرقابة وقانون الحفاظ على سرية الوثائق وقوانين النقابات الفنية التي ترهن الحق في ممارسة المهن الإبداعية على عضوية تلك النقابات أو الحصول على تصريح منها، ومواد قانون العقوبات المتعارضة مع حرية التعبير، كما أن هناك حاجة إلى إصدار قوانين جديدة ربما في مقدمتها قانون حرية تداول المعلومات.
3)      رؤية للإصلاح المؤسسي
 تعتمد هذه الرؤية لإصلاح مؤسسات وزارة الثقافة على ثلاث مرتكزات أساسية:
 أولًا: تتبنى هذه الرؤية فهمًا يرى أن الوظيفة الأساسية للدولة في مجال الثقافة في النظم الديمقراطية تتلخص في ثلاثة أهداف أساسية:
1.      حماية التراث الثقافي المادي واللامادي بما فيه من آثار ومخطوطات ووثائق وموروث ثقافي شعبي تراكم عبر الزمن، بالإضافة إلى التراث الفني الحديث بتنويعاته المختلفة، وتشمل وسائل الحماية إقامة مؤسسة لجمع هذا التراث وحفظه، كما تشمل أعمال الصيانة والترميم، والتشريعات القانونية التي تحقق هذه الحماية.
2.      حماية حقوق الملكية الفكرية للمبدعين، وتشجيع الصناعات الثقافية الحديثة والحرف التراثية والإنتاج الثقافي والإبداعي بمختلف أنواعه الأدبية والفنية، بما في ذلك الحماية ضد المصادرة والحجب.
3.      توفير الخدمات الثقافية للمواطنين، وتوفير البنية الأساسية لممارسة الأنشطة الثقافية والاستمتاع بها.
 ثانيًا: تحكمها الرؤية التي تتصدر محور الثقافة في استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030؛ والتي نصت على أن ما نهدف إلى تحقيقه لهذا الوطن في 2030 في مجال الثقافة يتلخص في: "بناء منظومة قيم ثقافية إيجابية في المجتمع المصري تحترم التنوع والاختلاف وعدم التمييز، وتمكين الإنسان المصري من الوصول إلى وسائل اكتساب المعرفة، وفتح الآفاق أمامه للتفاعل مع معطيات عالمه المعاصر، وإدراك تاريخه وتراثه الحضاري المصري، وإكسابه القدرة على الاختيار الحر، وتأمين حقه في ممارسة وإنتاج الثقافة، وأن تكون العناصر الإيجابية في الثقافة مصدر قوة لتحقيق التنمية، وقيمة مضافة للاقتصاد القومي، وأساسًا لقوة مصر الناعمة إقليميًا وعالميًا."
 ثالثًا: تنطلق من إدراك أن هناك مشكلات واضحة في أداء مؤسسات الدولة الثقافية، يجعلها عاجزة عن القيام بالدور المناسب لاحتياجات المجتمع الثقافية، وقاصرة عن مواكبة التطورات المجتمعية والعالمية في مجال الثقافة والفنون والتراث، وهذا الوضع راجع إلى أن هذه المؤسسات تعاني من التضارب وعدم التنسيق وتداخل الاختصاصات الناتج عن التغيرات المتوالية التي طرأت على هياكل الوزارة خلال السنوات الستين الماضية، كما يرجع جزء من هذه المشكلات إلى تضخم أجهزة العمل الثقافي من ناحية وتشتتها في التبعية بين أكثر من جهة، وإلى غياب التنسيق في العمل بينها، كما ترجع أيضًا إلى عوار البنية التشريعية المتحكمة في العمل الثقافي، وقبل هذا وبعده فإن تضخم الجهاز البيروقراطي في وزارة الثقافة، وزيادة أعداد العاملين في الجهاز المالي والإداري قياسًا للفنيين المتخصصين مما يعيق العمل بصورة واضحة.
 ما العمل؟
 في البداية هناك مجموعة من المبادئ العامة التي ينبغي أن تحكم عملية الإصلاح المؤسسي يمكن إجمالها فيما يلي:
·         ديمقراطية الإدارة الثقافية من خلال جماعية الإدارة عن طريق تشكيل مجالس إدارة ومجالس أمناء لقطاعات الوزارة والبيوت والمراكز الفنية والمتاحف؛ تضم بشكل أساسي شخصيات من خارج العاملين في الوزارة وأجهزتها ويكون لها سلطات حقيقية في رسم سياسة المؤسسات الثقافية؛ وإحياء دور المكاتب الفنية المنتخبة في الفرق الفنية؛ وإدارة المواقع الثقافية التابعة للدولة بمشاركة المستفيدين من الخدمة الثقافية.
·         الرقابة على الإنفاق الحكومي والأداء المؤسسي في المجال الثقافي من خلال مجلس منتخب من الجماعات الثقافية، وليكن المجلس الأعلى للثقافة بعد استقلاله عن الوزارة وتغيير أسلوب تشكيله.
·         التكامل بين مؤسسات الدولة العاملة في مجال الثقافة من منطلق أن مهمة تثقيف المجتمع لا تقع على وزارة الثقافة فقط؛ بل هي مسئولية تضامنية بين سائر الوزارات وبخاصة التربية والتعليم، والتعليم العالي، والشباب والرياضة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتنمية المحلية، والسياحة، والقوى العاملة، والتضامن الاجتماعي، وهناك أيضًا الجامعات، واتحاد الإذاعة والتلفزيون، والمجلس القومي للأسرة والسكان، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وغيرها، حيث تفرض التحديات الراهنة على هذه المؤسسات العمل معًا أكثر من أي وقت مضى، والعمل معًا يعني تجميع الطاقات وتبادل الخبرات والمعلومات ووضع الرؤى والخطط المشتركة، مع التركيز على تحقيق الربط بين التعليم والثقافة من ناحية، والربط بينهما وبين الإعلام من ناحية أخرى والسعي إلى تحقيق التكامل بين الثقافة والتعليم والإعلام باعتبار إنتاج الثقافة مجالاً أساسيًا من مجالات المعرفة، والتعليم أداة لاكتسابها، والإعلام وسيلة من وسائل نشرها.
·         التفاعل بين مؤسسات الدولة الثقافية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة والجماعات الثقافية المستقلة؛ فالجميع شركاء في بناء ثقافة المجتمع، وينبغي أن تسعى الوزارة إلى التعاون مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني والجماعات الثقافية المستقلة ودعمها بكل قوة، بهدف تمكين المجتمع المدني من المشاركة في الأنشطة الثقافية وفي تنفيذ المشروعات وتنظيمها، وإدراج المسار الديمقراطي والتشاركي لإدارة الشأن العام واتخاذ القرارات، بهدف تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الثقافية، وتقديم الدعم لهذه المنظمات وفقا لقواعد شفافة وواضحة، وإتاحة المراكز والمواقع التابعة لوزارة الثقافة لتقدم من خلالها هذه الكيانات الثقافية المستقلة أنشطتها، حتى يتحقق في النهاية دور أكبر للجمعيات الأهلية والكيانات الثقافية المستقلة في مجال العمل الثقافي.
·         تعديل التشريعات الثقافية (القوانين واللوائح) المنظمة للعمل الثقافي، لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها الجماعة الثقافية، وفي مقدمة هذه القوانين قانون الحفاظ على الوثائق وإتاحتها، وقانون جوائز الدولة واللوائح المنظمة لها، وقانون الرقابة على المصنفات الفنية، وقانون حماية الملكية الفكرية، وقانون الجمعيات الأهلية والمؤسسات الخاصة.
·         تنمية قدرات العاملين في المؤسسات الثقافية الحكومية من خلال برامج ودورات تدريبة وتثقفية تنمي مهارتهم وتعيد تأهيلهم وتحولهم إلى منشطين ثقافيين، بالتوازي مع العمل على تحسين الدخل بالنسبة لهم.
·         إعادة هيكلة مؤسسات وزارة الثقافة حتى تتوافق مع متطلبات العمل الثقافي في المجتمع، ومع تطلعات الجماعة الثقافية المصرية، ومع الاحتياجات الفعلية لتطوير العمل، وهي إجراءات ينبغي أن تتم في على مراحل وتراعي إعادة النظر في حجم العمالة التي تشكل عبئا على مؤسسات الوزارة في إطار رؤية شاملة لسياسة التشغيل في الدولة.
 إن حل هذه المشكلات بإعادة الهيكلة يجب أن يتم على مراحل متعددة، فهناك خطوات للإصلاح العاجل، وتعديلات في البنية المؤسسية تتم بشكل تدريجي على مدى زمني أطول، وهناك إجراءات لها تكلفة اجتماعية واقتصادية عالية، وأخرى تكاد تكون منعدمة التكلفة، لكن التصور في وضعه النهائي يحول الثقافة إلى قيمة مضافة للاقتصاد القومي، مع الحفاظ على دور وزارة الثقافة كوزارة خدمية.
 في البداية لابد من إعادة دمج وزارتي الثقافة والدولة للآثار في وزارة واحدة مرة أخرى كما كان الوضع منذ عام 1958، على أن يتحول المجلس الأعلى للآثار إلى هيئة عامة باسم "الهيئة المصرية العامة للآثار"، مثلما كان الحال قبل تحويله إلى مجلس أعلى للآثار في التسعينيات، وتشرف الهيئة على كل ما يتعلق بآثار مصر عبر العصور، من عمليات تنقيب وترميم وصيانة، كما تشرف على المتاحف والمواقع الأثرية وتعمل على إتاحتها للجمهور، ويتبع هذه الهيئة صندوق إنقاذ آثار النوبة الذي يمول عملية الترميم والتطوير في قطاع الآثار، كما تتبعها شركة مصر للصوت والضوء.
 كما أتصور أن وزارة الشباب ينبغي أن تندمج في وزارة الثقافة حتى تتم إدارة مراكز الشباب وقصور الثقافة وبيوت الثقافة والمكتبات التابعة لها من خلال جهة واحدة هي "الهيئة العامة للثقافة الجماهيرية"، وذلك بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية والمحافظات، أما النوادي الرياضية فتتبع للاتحادات واللجنة الأولمبية باعتبارها كيانات أهلية، وتنقل إلى هذه الهيئة مراكز الإبداع التي تتبع صندوق التنمية الثقافية حاليًا والحديقة الثقافية التابعة للمركز القومي لثقافة الطفل، على أن تدار مراكز الشباب والمراكز الثقافية وقصور وبيوت الثقافة من خلال المستفيدين منها، فيُشكل مجلس إدارة منتخب لكل وحدة من هذه الوحدات من بين روادها.
 أما باقي هيئات وقطاعات وزارة الثقافة فتتضمن هذه الرؤية استقلال بعضها عن الوزارة وتغيير وضع البعض الآخر؛ وفي مقدمة المؤسسات التي يجب إعادة النظر في استمرار تبعيتها لوزارة الثقافة "المجلس الأعلى للثقافة" الذي ينبغي أن يتحول إلى مجلس مشكل من أسفل إلى أعلى بشكل من أشكال الانتخاب من داخل الجماعة الثقافية ومنظماتها المستقلة ومؤسساتها الأكاديمية والنقابية، على أن يكون له استقلاله الكامل عن وزارة الثقافة ويتولى مهمة التخطيط للعمل الثقافي ومراقبة أداء الهيئات الحكومية العاملة في المجال الثقافي، كما يقوم بمهمة تسجيل الجمعيات الأهلية العاملة في الحقل الثقافي والكيانات الثقافية المستقلة وتقديم الدعم لها، ويتبعه صندوق التنمية الثقافية وإدارة دعم الجمعيات وإدارة المسابقات والجوائز وإدارة منح التفرغ، ويكون له أمين عام بدرجة وزير يعين بقرار من رئيس الجمهورية بناء على ترشيح أعضاء المجلس.
 كذلك يجب تحويل "أكاديمية الفنون" وفروعها إلى جامعة قائمة بذاتها، على أن تخضع مثل باقي الجامعات المصرية لقانون تنظيم الجامعات، وتضم إليها كليات الفنون الجميلة والتطبيقية والتربية الفنية والتربية الموسيقية، لتكون جامعة للفنون بحق، مع استمرار تبعية مدارس البالية والكونسرفاتوار لها.
 أما هيئة دار الكتب والوثائق القومية، فأتصور أن تتحول إلى هيئتين عامتين مستقلتين عن وزارة الثقافة يتولى رئاسة كل منهما رئيس مجلس إدارة بدرجة وزير على الأقل، على أن يدير كل هيئة مجلس إدارة من المتخصصين والشخصيات الثقافية العامة وممثلي بعض الجهات الرسمية.
 وتسمى الهيئة الأولى "دار الكتب المصرية"؛ وتعتبر المكتبة القومية المصرية، وتتبعها دار الكتب بباب الخلق، كما يتبعها مركز تحقيق التراث ومركز الدراسات الببليوجرافية التابعان للهيئة القائمة حاليًا، وتضم إليها مكتبة القاهرة الكبرى نقلًا من قطاع الإنتاج الثقافي ومكتبة البلدية بالإسكندرية نقلًا من قطاع الفنون التشكيلية، ومكتبات البلديات نقلًا من المحافظات، وتتولى مسؤولية متابعة تطبيق قانون الإيداع القانوني، وتطوير البنية الأساسية في مجال الإيداع الإلكتروني وإتاحة المحتوى الرقمي.
 وتسمى الهيئة الثانية "دار الوثائق القومية"؛ وتعتبر الأرشيف القومي لمصر، ويتبعها مركز دراسات وثائق وتاريخ مصر المعاصر، وتنقل إلى تبعيتها دار المحفوظات العمومية من وزارة المالية، وتتولى مهمة بناء الأرشيف الإلكتروني المرتبط بعمليات الحكومة الإلكترونية، وتكون لها الولاية على جميع وثائق الدولة التي انتهى استخدامها في الجهات الحكومية المختلفة.
 وتتحول المراكز البحثية بالهيئتين إلى مراكز بحثية على غرار المراكز التابعة لأكاديمية البحث العلمي، من حيث تطبيق الكادر الجامعي عليها.
 كذلك يتحول "صندوق رعاية الفنانين والأدباء" إلى صندوق تأمين حقيقي مستقل عن الوزارة تساهم في تمويله النقابات الفنية واتحاد الكتاب واتحاد الناشرين وغرفة صناعة السينما، بالإضافة إلى اشتراكات الأعضاء المنضمين، وتسهم الدولة في دعمه عند بداية انطلاقه، ويُشكل لإدارته مجلس منتخب يمثل المساهمين في تأسيسه.
 أما الهيئات والقطاعات الأخرى التي ستظل في الوزارة الجديدة؛ "وزارة الثقافة والشباب"، إلى جانب الآثار وهيئة الثقافة الجماهيرية، فيعاد تشكيلها على النحو التالي:
 تُدمج الهيئة المصرية العامة للكتاب والمركز القومي للترجمة في كيان واحد، تحت مسمى "الهيئة العامة للكتاب" يتولى إصدار المجلات الثقافية، ويتولى من خلال لجان استشارية وضع خطط للنشر والترجمة، وتُسند مهمة إصدار الكتب لدور النشر الخاصة، وتتحول المطابع إلى مطابع للوزارة تطبع ما تنتجه قطاعات الوزارة، إلى جانب العمل بشكل اقتصادي لتكون أحد مصادر تمويل الوزارة.
 ويرتبط هذا التغيير في عمل هيئة الكتاب والمركز القومي للترجمة برؤية جديدة مختلفة فيما يتعلق بسياسة النشر في وزارة الثقافة يمكن إيجازها على النحو التالي:
·         يقتصر النشر الذي تقوم به وزارة الثقافة بنفسها على المجلات الثقافية، وأعمال هيئات الوزارة وقطاعاتها؛ مثل أبحاث الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، والدراسات التي تعدها المراكز القومية التابعة للوزارة.
·         يتم النشر العام من خلال مكتبة الأسرة، بصورة تحقق دعم مزدوج للقارئ وللصناعة، بحيث تقوم مكتبة الأسرة بمهمتين أساسيتين؛ الأولى إصدار طبعات شعبية من كتب صدرت بالفعل عن دور النشر الخاصة، والثانية طرح مجموعة من العناوين في كل عام لتصدر من خلال دور النشر المختلفة بدعم من وزارة الثقافة، بحيث يصدر الكتاب بسعر مناسب للقارئ على غرار ما كان يحدث في مشروع الألف كتاب في الخمسينيات.
·         وفيما يتعلق بالترجمة اعتماد أسلوب طرح خطة الترجمة على الناشرين ودعمهم ليصل الكتاب المترجم إلى المستفيد النهائي بالصورة والسعر الذي يحقق الهدف الأساسي من المركز القومي للترجمة، أعني توفير الخدمة الثقافية المدعومة للمواطن.
·         التوسع في إنشاء المكتبات العامة بالتعاون بين وزارة الثقافة والمحليات، وزيادة ميزانيات التزويد بها؛ بحيث تقوم باقتناء الإصدارات الجديدة المصرية والعربية والأجنبية وإتاحتها للقراء، ووضع خطة زمنية تصل بمعدل عدد المكتبات في علاقته بعدد المستفيدين إلى المعدلات العالمية خلال عشر سنوات.
·         التوسع في النشر الإلكتروني لتيسير حصول الجمهور المتعامل مع الوسائط الإلكترونية على نسخ رقمية من الإصدارات بسعر مناسب ومحاربة القرصنة في الوقت نفسه.
·         وضع خطة لزيادة المحتوى الرقمي المصري على الإنترنت باللغة العربية وباللغات الأخرى.
 وتظل "الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي" كما هي، تشرف على دار الأوبرا ومسارحها وفروعها وقاعات العرض بها، وعلى المكتبة الموسيقية ومتحف دار الأوبرا، والفرق الفنية، وتُشكل مكاتب فنية منتخبة للفرق التابعة للهيئة، كما تتبع الهيئة المدارس الفنية القائمة بالفعل، وتتبعها المتاحف والمراكز الموسيقية كمتحفي أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، والمركز الموسيقي بقصر المانسترلي، وينقل المركز القومي لثقافة الطفل إلى الهيئة ويدير المركز مجلس إدارة من الشخصيات الثقافية ذات الصلة بمجال عمل المركز.
 وفيما يتعلق بقطاع العلاقات الثقافية الخارجية تنقل إليه تبعية الأكاديمية المصرية للفنون بروما، ويعاد النظر في تبعية التمثيل الثقافي المصري في الخارج لوزارة التعليم العالي، بما يحقق الفصل بين مسؤولية الإشراف على المبعوثين المصريين في الخارج التي تظل تابعة لوزارة التعليم العالي، ومسؤولية النشاط الثقافي المصري في الخارج وإدارة مراكزنا الثقافية في العالم التي ينبغي أن تتبع قطاع العلاقات الثقافية بوزارة الثقافة بالتنسيق مع الإدارة الثقافية بوزارة الخارجية.
 أما قطاع الفنون التشكيلية فيتم تحويله إلى هيئة عامة، تتولى الإشراف على المتاحف الفنية والتاريخية والقومية والمراكز الثقافية التابعة لها وعلى قاعات العرض التشكيلي التابعة للقطاع حاليًا، على أن تتم إدارة المتاحف والمراكز التابعة للهيئة الجديدة من خلال مجالس أمناء لها سلطات كاملة في رسم السياسات ووضع الخطط والإشراف على تنفيذها، ووضع خطط لحملات التمويل لأنشطة المتاحف، وبرامج لتسويق المتاحف، وتشكل مجالس الأمناء من شخصيات ثقافية مستقلة لها علاقة بتخصص كل متحف من المتاحف، كما تضم بعض أهالي المنطقة التي يقع فيها المتحف، وبعض الإعلاميين ورجال الأعمال المهتمين بالثقافة والفنون، وفيما يتعلق بقاعة العرض التشكيلي، يضاف إلى نشاطها تسويق الأعمال الفنية للعارضين مقابل نسبة أسوة بقاعات العرض الخاصة على أن تشكل هذه الحصة موردًا من موارد الهيئة.
 أما قطاع الإنتاج الثقافي فيتحول إلى هيئتين عامتين؛ الأولى الهيئة المصرية العامة للمسرح والفنون الشعبية والاستعراضية، وتتبعها البيوت الفنية والفرق التابعة لها، ويشكل لكل فرقة مكتب فني منتخب من الفنانين يضع الخطط السنوية للفرقة ويدير عملها، كما يتبعها المركز القومي للمسرح والموسيقى الذي يتولى مهمة توثيق التراث المسرحي والموسيقي، ويُنقل المركز القومي للفنون الشعبية من أكاديمية الفنون إلى هذه الهيئة ويكون بمثابة الأرشيف القومي للفلكلور، وتُلحق به إدارة أطلس الفلكلور التابعة لهيئة قصور الثقافة حاليًا، ويكون لكل مركز من المركزين مجلس إدارة من المتخصصين في مجال عمل المركز أغلبيته من غير العاملين بوزارة الثقافة وهيئاتها.
 أما الهيئة الثانية فهي "الهيئة المصرية العامة للسينما" ويتبعها المركز القومي للسينما، والأرشيف القومي للسينما، والسينماتيك، وصندوق دعم السينما، كما تدير هذه الهيئة أصول السينما المصرية المملوكة للدولة، ويشكل لكل كيان من كيانات الهيئة مجلس إدارة من المتخصصين أغلبيته من غير العاملين في الوزارة وهيئاتها.
 ويظل "جهاز التنسيق الحضاري" في ممارسة دوره المنوط به، مع تعديل التشريعات المنظمة لعمله بما يضمن قدرته على تحقيق هدفه في الحفاظ على الطابع العمراني للمدن المصرية، وحماية المباني ذات الطرز المعمارية المميزة والمباني التاريخية من الاندثار، وزيادة الميزانية المخصصة له بما يتيح له تعويض ملاك المباني التاريخية والمميزة بصورة مكافئة لقيمتها، لتحقيق التوازن بين حق المجتمع في الحفاظ على القيم التاريخية والمعمارية من ناحية وحق الملاك في التصرف في أملاكهم الخاصة من ناحية أخرى.
 في ظل هذا الوضع المقترح تنقل الإدارات المركزية غير الفنية التي كانت تتبع أمانة المجلس الأعلى للثقافة إلى قطاع مكتب الوزير؛ فتتبعه: الإدارة المركزية للشؤون المالية والإدارية، والإدارة المركزية للشؤون القانونية، والإدارة المركزية للأمن، بالإضافة إلى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، وتنشأ إدارة مركزية لتنمية الموارد البشرية تُضم إليها إدارة التدريب.
  أما الإدارة المركزية للرقابة على المصنفات الفنية فيقتصر دورها على التصنيف العمري للأعمال الفنية فقط، وتلحق بقطاع جديد يسمى "قطاع الملكية الفكرية" يضم الرقابة على المصنفات والتراخيص وحق المؤلف.
 وفيما يلي شكل يوضح الإداري المقترح لوزارة الثقافة الذي يضم ثلاثة قطاعات وثمان هيئات عامة:
شكل (2) الهيكل المقترح لوزارة الثقافة
 لاستكمال الصورة لابد من دعم كيانين مستقلين عن الوزارة الأول الشبكة القومية للمكتبات المصرية التي تشكل أداة ربط بين المكتبات المصرية بمختلف أنواعها؛ والثاني اللجنة الوطنية المصرية للمتاحف التي تمثل مصر في المجلس الدولي للمتاحف التابع لليونسكو، والتي عادت إلى الوجود مؤخرًا بعد فترة موات، والتي ينبغي أن تضم ممثلين لجميع المتاحف المصرية.
 وبعد... فلكي تكون هذه التغيرات مجدية لابد أن تتغير مفاهيم الإدارة وتتجه لأشكال ديمقراطية ولا مركزية، كما أنها تحتاج لتوافر بنية تشريعية مناسبة، والجدير بالذكر أن الإصلاح التشريعي في مجال الثقافة يشكل المدخل الرئيسي للإصلاح المؤسسي، والإصلاح التشريعي لا يحمل الدولة أعباء مالية فكل ما يحتاجه إرادة للإصلاح.
قائمة مصادر ومراجع:
-          أبو الفتوح رضوان: تاريخ مطبعة بولاق، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1953.
-          أحمد منصور وخالد محمد عزب: مطبعة بولاق، مكتبة الإسكندرية، الإسكندرية، 2005.
-          استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030، وزارة التخطيط، نسخة بي دي أف، متاحة في 30/3/2016. http://www. Sdsegypt2030.com/
-          المجالس القومية المتخصصة: السياسة الثقافية مبادئ ودراسات، المجالس القومية المتخصصة، القاهرة، 1984.
-          بدر الدين أبو غازي: العمل الثقافي برنامج ومنجزات ـ نوفمبر 1970 ـ مايو 1971، بيان السيد بدر الدين أبو غازي لمجلس الأمة، نص غير منشور، 1971.
-          بدر الدين أبو غازي (محرراً): المسح الاجتماعي الشامل للمجتمع المصري، 1952-1980، الثقافة، المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة، 1985.
-          بدر الدين أبو غازي: حول السياسة الثقافية، (مجموعة محاضرات) الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، برنامج إعداد القادة الإداريين، طبعة محدودة، د. ت.
-          بدر الدين أبو غازي: جيل من الرواد، جمعية محبي الفنون الجميلة، القاهرة، 1975.
-          ثروت عكاشة: السياسة الثقافية، بيان الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة أمام لجنة الخدمات بمجلس الأمة في 16 يونيو 1969.
-          رءوف عباس حامد (مشرفًا): الأوامر والمكاتبات الصادرة عن عزيز مصر محمد علي، مجلدان، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2006.
-          عبد العظيم رمضان (مشرفًا): النظارات والوزارات المصرية، الجزء الثاني، مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر، القاهرة، 1995.
-          عبد المنعم الصاوي: عن الثقافة، عالمية للنشر والإعلان، القاهرة، د.ت.
-          عماد أبو غازي: المؤسسات الثقافية الحديثة في مصر، في: (الوثائق ودراسة الحضارة العربية في العصور الوسطى، ص ص 88 – 160) جامعة طوكيو، طوكيو، 2011.
-          عماد أبو غازي: السياسات الثقافية في زمن التحولات، في: (الثقافة أثناء الفترات الانتقالية – مصر بعد ثورة 25 يناير، تحرير مجدي صبحي، ص ص 89 - 112) مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام والمؤسسة الثقافية السويسرية، القاهرة، 2014.
-          فؤاد كرم: النظارات والوزارات المصرية، الجزء الأول، مركز وثائق وتاريخ مصر المعاصر، دار الكتب، القاهرة، 1968.
-           وائل إبراهيم الدسوقي: التاريخ الثقافي لمصر الحديثة – المؤسسات العلمية والثقافية في القرن التاسع عشر، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2012.
-          وزارة الثقافة: استراتيجية المنظومة الثقافية للدولة 2014 ـ 2030، القاهرة، 2014.
-          وزارة الثقافة: أطلس المؤسسات الثقافية، وزارة الثقافة، القاهرة، 2010.


أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...