السبت، 15 أغسطس 2020

بدر الدين أبو غازي... وحامد عبد الله صداقة ممتدة

  

من أوراق بدر الدين أبو غازي

بدر الدين أبو غازي... وحامد عبد الله

صداقة ممتدة

عماد أبو غازي



 

من الصداقات القديمة الممتدة في حياة بدر الدين أبو غازي (١٩٢٠-١٩٨٣) صداقته مع الفنان حامد عبد الله (١٩١٧-١٩٨٥).

 الاتنين امضوا جزء كبير من صباهم وشبابهم في حي المنيل، اتعرفوا على بعض حوالي منتصف الثلاثينات، جمع بينهم اهتمامهم بالفن، بدر من خلال خاله محمود مختار اللي رحل سنة ١٩٣٤ ومن وقتها بدأت رحلة بدر مع الفنون تاخد أبعاد جديدة واهتمام، وهو في سن ١٤ سنة بدأ بجمع اللي بيتكتب عن خاله وتحول بعدها للكتابة النقدية في الفنون التشكيلية بشكل عام، وحامد بموهبته الفنية اللي تفتحت من وقت مبكر كفنان تشكيلي.

 في أواخر التلاتينات كانت لقاءاتهم في قهوة المنيل القديم بتدور فيها النقاشات حوالين الفن التشكيلي، وكانت محاولاتهم الأولى لوضع مصطلحات عربية في الفنون التشكيلية تقابل المصطلحات الأجنبية، وفي المرحلة دي بدأت زياراتهم مع بعض لمعارض الفن التشكيلي.



 أول مقال نقدي كتبه بدر الدين أبو غازي كان عن معرض لصديقه حامد عبد الله، وتوالت بعد كده كتاباته في النقد التشكيلي وكمان كتاباته عن حامد عبد الله.



 لمًا حامد سافر وترك مصر في الخمسينات استمرت العلاقة بينهم بالجوابات المتبادلة، وفي أوراق بدر الدين أبو غازي جوابات كتير وصلت له من حامد عبد الله.

 في الستينات ومع زيارات بدر لباريس التقى بحامد مرة تانية، وفي سنة ١٩٧١ مع تغير الأوضاع السياسية في مصر رجع حامد يزور مصر ويقيم فيها إقامات طويلة متقطعة.

دي واحدة من رسايل حامد عبد الله لبدر الدين أبو غازي، الرسالة تاريخها 11 يونيه 1971، حامد كان بيحضر وقتها لأول زيارة له للمصر بعد غياب طويل عنها، وأول زيارة لأسرته لمصر، واللي تمت بالفعل في يوليو ١٩٧١.

وبيتسأل في الجواب عن سبب خروج بدر من الوزارة من غير ما يجيب كلمة الوزارة أو المنصب، وده طبعًا بسبب أجواء الخوف من الكلام في السياسة اللي كانت لسه سايدة وبسبب وجود رقابة على البريد.

فبيقول مثلًا عن خروجه من الوزارة:

 "وأنك حرمت من الفرصة التي سنحت لك لعمل شيء مفيد في المجال الثقافي من الجذور"

وبيشير لأنه بعيد عن المجموعة اللي سموها وقتها مراكز القوى فيقول:

"ولا أفهم ما هو السبب في ذلك التغيير، فأنت من جو آخر"

ده نص الجواب وصورته...

 

FRANCE

11يونيه ١٩٧١

 

أخي المحبوب بدر

أهديك خالص التحية والسلام أنت والعائلة جميعا، وتشاركني العائلة في أملي أن تكونوا جميعا متمتعين بكامل الصحة، وأشكرك جزيلا لرسالتك المؤرخة في ٢٤ أبريل ١٩٧١ (التي أرسلها لي بالبريد أحمد مرسي دون أن يحضر بنفسه) ولرغبتك في الاطمئنان علينا ولاهتمامك بما يختص باشتراكي في معرض الفن المصري المعاصر في أكتوبر، ثم بالمعرض القاهري. وسنتكلم في ذلك بإذن الله سويا.

لقد فرحت بخبر اعتزامك المجيء ثم سمعت أخبارا فهمت منها أنك ستتأخر في المجيء، وأنك حرمت من الفرصة التي سنحت لك لعمل شيء مفيد في المجال الثقافي من الجذور، ولا أفهم ما هو السبب في ذلك التغيير، فأنت من جو آخر، وأنني الآن في شدة الرغبة للاطمئنان عليك، وبمجرد وصولي إلى القاهرة سأتصل بك بإذن الله في التاسع من يوليو ١٩٧١، ليس لدي رقم تليفونك وإذا لم أجده في الدفتر سأجد طريقة أخرى - وسيكون فرحا بالنسبة لنا أن نراك والعائلة جميعا وأنت تعرف مدى قوة أخويتنا التي أصبحت جزءا من طبيعتي لا يؤثر فيها البعد ولا أي شيء آخر.

إنني منذ أسبوع في فراش المرض ولعله لمباجو في الظهر وألم في المعدة، ولكن ذلك لن يعوقني عن السفر بإذن الله فإنني في غاية الشوق إلى كل شيء في الوطن، وزوجتي والاولاد في غاية الفرح والابتهاج لزيارة بلدهم وذويهم في زيارة مبدئية.

لقد كتبت عن التصوير والحفر المصري المعاصر للنشر في قاموس عن الفن العالمي المعاصر، ويلزمني الآن الاطلاع على المواهب الناشئة والاستماع لرغبات الفنانيين والاستجابة لطلباتهم.

وختاما أكرر لك خالص التحية وأطيب التمنيات وإلى الملتقى،

أخوك

حامد عبد الله

وعلى الهامش كتب:

أنا منتظر منذ مساء أمس زيارة الدكتور أحمد رياض زوج أخت تحية فقد أفادني باعتزامه الحضور من بروكسل إلى باريس

تحية هي الفنانة تحية حليم زوجته السابقة.


أنا فاكر زيارة حامد عبد الله الاولى مع عيلته كويس قوي. كانت أول مرة أشوف فيها الصديق الغايب الحاضر لأبويا، اللي سمعت عنه كتير خصوصا في السنين التلاتة السابقة على الزيارة، واللي كان في بيتنا لوحة من لوحاته اللي بترجع لبداياته الأولى، وبعض القطع الجديدة اللي رجع بيها أبويا من زيارة باريس واللي كانت عبارة عن محاولات وتجارب في التشكيل من الخامات الجديدة.





لما وصل حامد القاهرة قدر بسهولة يوصل لرقم التليفون. لان وقتها كان دليل التليفون موجود سواء الدليل الورق او الدليل الحي اللي هو رقم بنطلبه من التليفون ونسأل على رقم شخص فيديه لنا على طول.

وبسرعة تم التواصل وجه حامد وعيلته في زيارة للعشا في بيتنا في المعادي. كان معاه زوجته وأولاده مؤنس وسمير وأنيسة، بعد دقايق من اللقاء أصبح فيه صداقة بينا مختار ونادية وأنا من ناحية ومؤنس وسمير وأنيسة من ناحية تانية.

الزيارة الأولى أعقبها زيارات للأولاد لوحدهم أو لحامد عبد الله لوحده أو للأسرة مجتمعة.




 ونظم بدر معرض لأعمال حامد عبد الله في جمعية محبي الفنون الجميلة سنة ١٩٧٦. وكان ده أول تقديم لأعمال حامد في القاهرة من خمستاشر سنة تقريبا. حامد ما قدرش يجي مصر وقتها وما حضرش المعرض واللي حضر الافتتاح كان ابنه الكبير مؤنس وافتتح المعرض وقتها الدكتور جمال العطيفي وزير الاعلام والثقافة واللي كان صديق مشترك لبدر وحامد من سنين طويلة.




 ده جزء من حكاية صداقة بامتداد العمر، رحل بدر في ١١ سبتمبر سنة ١٩٨٣ ورحل حامد بعدها بسنتين وكام شهر في ٣١ديسمبر سنة ١٩٨٥.



 واستمرت علاقة الجيل التاني لغاية النهارده.



أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...