الأربعاء، 18 أكتوبر 2017

مقال قديم

مقال قديم
المقال ده نشرته في الدستور في أبريل 2008، مش عارف ليه بانشره تاني؟
مخربشات
قانون جديد يستحق الخرق!
عماد أبو غازي
 في 31 مارس الماضي كللت جهود لجنة التعليم بمجلس الشعب بإصدار قانون جديد استغرق إعداده شهورًا، القانون يحمل رقم 112 لسنة 2008، إنه قانون ينبغي أن يعرفه كل مصري فكلنا نقع تحت طائلته، وكلنا عرضه للعقاب بمقتضاه، إنه قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 14 لسنة 1982 بإصدار قانون إعادة تنظيم مجمع اللغة العربية، لكن ما علاقة تنظيم مؤسسة علمية عريقة كمجمع اللغة العربية بعقاب المواطنين؟
 التعديل القانوني ببساطة يضيف إلى وسائل مجمع اللغة العربية لتحقيق أغراضه، إلزام دور التعليم والجهات المشرفة على الخدمات الثقافية والوزارات والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية وغيرها من الجهات الخاضعة لإشراف الجهات المشار إليها بتنفيذ ما يصدره المجمع من قرارات لخدمة سلامة اللغة العربية، وتيسير تعميمها وانتشارها، وتطوير وسائل تعليمها وتعلمها، وضبط نطقها الصحيح، وتوحيد ما فيها من مصطلحات، وإحلالها محل التسميات الأجنبية الشائعة في المجتمع.
 أي أن القانون ينطبق على كل العاملين في الدولة بأجهزتها المختلفة، فبعد أن بدأ التعديل بالتخصيص متحدثا عن "التعليم والثقافة" عاد ليعمم الإلزام على الوزارات والهيئات، وكي لا يفلت أحد من طائلة هذا القانون أكد المشرع على خضوع وحدات الإدارة المحلية له.
 ويستطرد التعديل مؤكدًا على أن هذا الالتزام يرقى إلى مستوى الواجبات العامة، حيث ينص بشكل واضح وقاطع على ما يلي: "ويعتبر هذا الالتزام أحد الواجبات العامة الملقاة على العاملين كل في حدود اختصاصاتهم"! مكتوبة كده في القانون، والأقرب للحس والذوق أن نقول كل في حدود اختصاصه، ما علينا!
 لكن ماذا يحدث لو تجاسر واحد من الغلابة العاملين على عدم الالتزام بما يصدره مجمع اللغة العربية الموقر؟ ماذا يقول التعديل في ذلك؟
 يقول المشرع في القانون: "يترتب على مخالفة هذا الالتزام انعقاد المسئولية التأديبية للمخالف". وهذا النص في الحقيقة يكشف عن رحمة مجلس الشعب بنا فلله الحمد لم يعتبر المجلس عدم الالتزام جناية أو جنحة بل اكتفى باعتباره مخالفة، ولم يشرع المجلس عقوبة الإعدام أو السجن المشدد أو الحبس على من لا يلتزم بما أقره المجمع، بل اكتفى بالنص على تأديبنا، والعقوبات التأديبية مقدور عليها تبدأ من التنبيه وتمتد إلى الخصم من المرتب، وقد تصل إلى الرفت أو العزل من الوظيفة إذا إحيل الموضوع إلى النيابة الإدارية ومنها إلى المحكمة التأديبية، وطبعًا هذا لن يحدث إلا للموظف معتاد الإجرام الذي يصر على نصب المجرور أو رفع المنصوب، الذي يخلط بين الفاعل والمفعول، أو الذي يرتكب جريمة تعريف المضاف بألف لام التعريف وهي جريمة شائعة بين المصريين، كذلك قد يجد أيًا منا نفسه ماثلًا أمام جهات التحقيق إذا أصر على جريمة استخدام "التسميات الأجنبية الشائعة في المجتمع"، فلو دخلت إلى "لا مؤخذة" كافيتريا وطلبت ساندويتش جبنة فأنت آثم مؤثم لأنك دخلت كافتيريا ولم تدخل المطعم، وطلبت ساندوتش ولم تطلب "شاطر ومشطور وبينهما طازج"! ولو شاهدت التلفزيون أو السينما أنت مخالف لأنك لم تشاهد المرناة أو الخيالة!
 لكن كيف لنا نحن الموظفين والمدرسين والعاملين في الوحدات المحلية أن نعرف ما يصدره المجمع من قرارات لخدمة سلامة اللغة العربية حتى نلتزم بها؟
 لم يفت المشرع ذلك، فقد نص التعديل الجديد للقانون على أن "يصدر قرار من الوزير المختص ـ وهو وزير التعليم العالي الذي يتبعه المجمع ـ ينشر بالوقائع المصرية" ويتضمن هذا القرار ما يصدره المجمع من قرارات، وطبعًا هدف النشر في الوقائع المصرية أن يعرف الكافة تلك القرارات! إذًا علينا جميعا أن نشتري الوقائع المصرية أو نشترك فيها حتى لا نعرض أنفسنا للعقاب التأديبي إذا فاتنا قرار صدر عن المجمع، فالجهل بالقانون لا يعفي من العقوبة، والمجمع يصدر في كل عام قرارات جديدة بمصطلحات جديدة وصيغ لغوية جديدة، وإذا لم نعرف بها ولم نستخدمها نكون من الآثمين ـ حاشا لله ـ فلا تنسوا الاشتراك في الوقائع المصرية، فالأمر جد وليس هزل، والاشتراك ميسر جدًا، من خلال المكتبة التابعة لهيئة المطابع الأميرية، التي تبيع القوانين والتشريعات، ومقرها بميدان الأوبرا بوسط البلد.
 لكن كيف سيطبق القانون ومن سيعرف أنك لست "ضليع في اللغة العربية" على قول سليمان نجيب، أو إنك ارتكبت خطأ في اللغة العربية، أو وقعت في مخالفة عدم الالتزام بقرارات المجمع المبجل؟ دي كمان لها حل عند المشرع، لقد نص القانون على إنشاء مكتب بمجمع اللغة العربية لتلقي الشكاوى بشأن المخالفات التي ترد على هذا الالتزام وتحقيقها، نحن أمام محكمة تفتيش جديدة، وأصبح في مقدور أي حد متغاظ من أي حد يقدم ضده بلاغ لهذا المكتب ويوديه في داهية.
 وزيادة في الدقة والالتزام بالالتزام سيصدر المجمع تقريرًا سنويًا عن حالة اللغة العربية وما تتعرض له قراراته من مخالفات.
أيها الناس انتبهوا لقد صدر هذا القانون ونشر بالجريدة الرسمية في 31 مارس 2008 وبصم بخاتم الدولة، وأصبح ساريًا من اليوم التالي لتاريخ نشره يعني من أول إبريل!!!!
الدستور أبريل 2008


أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...