الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015


 

 الأرشيف والسلطة

إعداد: عماد أبو غازي
 انتهى اليوم ملتقى "التاريخ الشفوي في أوقات التغيير ـ الجندر والتوثيق وصناعة الأرشيف" الذي نظمته مؤسسة المرأة والذاكرة بالتعاون مع  المجلس الأعلى للثقافة على مدى ثلاثة أيام. وقد اختتم اليوم الأول بمائدة مستديرة حول: "الأرشيف والسلطة"، وهذه هي ورقة النقاش الرئيسية للمائدة التي قمت بإعدادها:
*****
 
 "تدور هذه المائدة حول إشكالية علاقة الأرشيف بالسلطة، وتركز على ثلاثة مداخل أساسية للموضوع:
1.     الإنتاج.
2.     الإتاحة.
3.     المصداقية.

 في البداية سأحاول أن أحدد المصطلحات الأساسية التي تتمحور حولها الورقة:

1)    السلطة:

 إن مصطلح سلطة في العربية يقابله مصطلحان في الإنجليزية: Power وAuthority . وهاتان الكلمتان تستخدمان في اللغة الإنجليزية بمعنيين مختلفين للسلطة؛ حيث يستخدم مصطلح Power للدلالة على السلطة في نطاقها العام والشامل؛ إذ يعني أيضًا: القدرة، الاستطاعة، القوة، أي السلطة بمعنى القدرة على تحقيق المرغوب فيه سواء وجدت مقاومة أو لًا. وقد يتم تحصيلها بطرق مختلفة منها: المشاورة، والتفويض، والمشاركة بصورة محدودة، وقد تقوم على القبول أو الموافقة أو على القسر، بينما يقتصر استخدام مصطلح Authority على ما هو تخصيصي، كأن نقول سلطة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية...  في الفترة الحديثة ساد الفكر السياسي الغربي تصوران "للسلطة" برز أحدهما مؤخرًا بصفة خاصة في المناقشات الأكاديمية، ويدور حول فكرة السلطة بوصفها ظاهرة كمية صرفة، وبهذا المعنى، فإن السلطة لا تزيد عن كونها نوعًا من القدرة على الفعل. أما التصور الثاني فهو أكثر تعقيدًا ويفيد أن السلطة لا تنطوي على القدرة على الفعل وحسب، بل أيضًا على الأحقية فيه. ويرى أن كل من القدرة والحق يتوقفان على قبول أولئك الذين تمارس عليهم السلطة. ويعد هذا التصور الثاني تصورًا محوريًا في الفكر السياسي والاجتماعي الغربي. والمقصود بالسلطة في هذه الورقة سلطة الدولة.


 

افتتاح الملتقى

2)    الأرشيف:

 تحمل كلمة أرشيف أكثر من دلالة: فالأرشيف لفظ يشير إلى المكان الذي تحفظ فيه الوثائق التاريخية حفظًا دائمًا، والأرشيف كذلك يطلق على المؤسسة الرسمية التي تحفظ الوثائق، وتسمى هذه المؤسسة عادة ـ منذ أواخر القرن الثامن عشر ـ باسم "الأرشيف القومي"، كذلك تطلق كلمة أرشيف على محتويات أو مقتنيات مؤسسة الأرشيف القومي، أو محتويات أية مؤسسة أرشيفية فرعية أو متخصصة.
 ويتكون الأرشيف من مجموعة من الوثائق أو مجموعات من الوثائق ترتبط ببعضها، هذه الوثائق قد تكون مدونة أو مسجلة على المواد التقليدية بأنواعها المختلفة، القديم منها والحديث، وقد تكون وثائق رقمية ليس لها أصل مادي خارج الأجهزة والشبكات. هذه الوثائق بأنواعها وأشكالها المختلفة تتراكم في مجموعات مترابطة في المؤسسات التي أنتجتها أو استقبلتها، واحتفظت بها حتى انتهاء الحاجة إليها لتسيير مجريات العمل اليومي. عندئذ تنقل الوثائق أو المجموعات ذات القيمة إلى الأرشيف القومي وتصبح جزءًا من مكوناته، وعندما تنقل الوثائق إلى الأرشيف القومي تحفظ فيه حفظًا دائمًا مؤبدًا بهدف إتاحتها للكافة. ويرى علماء الأرشيف التقليديين أن الوثائق التي تحفظ في الأرشيف ينبغي أن تكون ذات صفة رسمية، أي تكون صادرة عن جهة من جهات الدولة، أو تم توثيقها لديها. وقد اتسع مفهوم الأرشيف في النصف الثاني من القرن العشرين ليشمل وثائق ليست لها صفة رسمية حكومية مثل وثائق الأحزاب والهيئات الخاصة، والشركات، والجمعيات الأهلية، وأرشيفات الأسر والعائلات، والأرشيفات الخاصة للزعماء والقادة والمفكرين والأدباء والفنانين.
    3) الوثيقة:
 الوثيقة مكون أساسي في حديثنا عن الأرشيف، الوثيقة هي الأخرى ذات دلالات متعددة، والوثائق إفراز طبيعي ينتج من خلال ممارسة البشر أفرادًا ومؤسسات ومجتمعات لنشاطهم الطبيعي ومن هنا تأتي قوة علاقتها بالسلطة، ويقصد بالوثيقة كل نص مكتوب أو مدوّن، يشمل على تصرف قانوني أو واقعة قانونية تم تدوينه لحفظ حق من الحقوق، أو لإثبات حالة من الحالات، أو ينتج عن النشاط الإداري خلال العمل اليومي لمؤسسات المجتمع، سواء كانت مؤسسات للدولة أو مؤسسات أهلية.

 مداخل وأسئلة:
المدخل الأول: إنتاج الوثيقة/إنتاج السلطة:
 تدوين الوثائق وليد تحولات اجتماعية وسياسية، انتقال المجتمع من البساطة إلى التركيب، الوثيقة/الأرشيف تعبير عن السلطة وتجلي من تجلياتها، وقد ارتبط تدوين الوثائق في الحضارات الإنسانية المختلفة بظهور الكتابة أو الذاكرة الخارجية للإنسان، التي سمحت له بتدوين خبراته وتناقلها عبر المكان والزمان، كما ارتبط بظهور التكوينات الأولى للسلطة، ومع هذه البدايات المبكّرة، عرفت الحضارات الإنسانية الأولى، فكرة تسجيل المعاملات في شكل وثائق؛ ومنذ عرف الإنسان إنتاج الوثائق كانت الوثيقة منتج من منتجات السلطة، بقدر ما كانت تسهم هي ذاتها في إنتاج السلطة، ويمكن تبيان هذا الجانب بالاقتراب من الموضوع من زاويتين، الأولى: أساليب اتخاذ القرار وتسجيله ونشره، أي الأشكال التي تصدر بها القرارات والخطوات التي تمر بها الوثيقة منذ صدورها إلى أن تصل إلى المخاطبين فيها من رجال الدولة أو تعلن على العامة حسب الأحوال. أما المدخل الثاني فهو مظاهر السلطة وتجسيدها من خلال الوثائق الرسمية، ومدى استخدام الوثيقة في خطاب السلطة.
 إذا كان هذا ماضي العلاقة بين الوثيقة والسلطة فماذا عن حاضرنا اليوم ومستقبلنا؟ هل أدى عصر حضارة الموجة الثالثة، عصر ثورة المعلومات والاتصالات، عصر مجتمع المعرفة، إلى فقدان المؤسسات الرسمية احتكارها لإنتاج الوثائق؟
المدخل الثاني: الإتاحة: السلطة تصنع الأرشيف والأرشيف يصنع السلطة:
 البحث في نظم حفظ الوثائق، وفي مصير الأرشيفات، باعتبار أن الأرشيف الرسمي للدولة هو جزء من ذاكرة السلطة، وإن تحديد ما يحفظ وما لا يحفظ من الوثائق هو جزء من إنتاج السلطة لصورتها أمام الخاضعين لها. لقد ارتبط ظهور الأرشيفات القومية في العالم بنشأة الدولة القومية أو اختلاقها، باعتبار الأرشيف القومي مؤسسة من مؤسسات بناء وعي الأمة بذاتها، أو مؤسسة من مؤسسات بناء الأمة أو صناعتها. فمع ظهور الدول القومية الحديثة في الغرب بدأ الاهتمام بإعادة كتابة تاريخ تلك الدول لتأكيد الجذور البعيدة لهده الدول، كما بدأ التاريخ يتحول من سرد للحوادث إلى علم يقوم على التحليل، ويعتمد على المصادر الأصلية من آثار ووثائق ومرويات، ومن هنا ظهر الاهتمام بإنشاء مؤسسات ثقافية قومية تحفظ هذه المصادر، المتاحف لحفظ الآثار والأرشيفات لحفظ الوثائق والمكتبات لحفظ الإنتاج الفكري، ونُعتت كل من هذه المؤسسات الثلاثة بصفة القومية تعبيرا عن دورها في حفظ التراث القومي للأمة، كما أصبحت تلعب دورًا أساسيًا في المساعدة على كتابة التاريخ، والمساهمة في إعادة صيغة وعي الشعوب بذاتها.
إذا كان أحد أهم أهداف السلطة من السيطرة على الأرشيف يتمثل في تقديم سرديتها للأحداث، فهل نجحت السلطة في مصر في ذلك عبر مراحل تاريخ مؤسساتنا الأرشيفية المختلفة؟ وهل نستطيع اليوم أن نقدم سردنا الموازي؟
المدخل الثالث: المصداقية:
"الوثائق أصدق مصدر لدراسة التاريخ"... "الوثائق مصدر محايد لا يعرف الكذب"... عبارات نرددها كثيرًا على مسامع طلابنا، نقولُها نحن المشتغلون بتدريس علوم الوثائق والأرشيف، ومن قبلنا قالها أساتذة التاريخ، جيل وراء جيل، منذ ظهرت المدارس القومية لكتابة التاريخ التي اعتبرت الأرشيف للمؤرخ بمثابة المعمل للفيزيائي أو الكيمائي أو غيرهما من المشتغلين بالعلوم البحتة والتطبيقية.
 فهل ما اعتدنا أن نردده مرارًا وتكرارا لطلابنا حقيقة؟ وهل فعلا الوثائق ـ بين المصادر التاريخية ـ مصدر لا يكذب؟
 ثلاث أوراق مرجعية للنقاش:
http://scholar.cu.edu.eg/?q=eghazi/publications/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D8%B9-%D8%B9%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9

 

السبت، 12 سبتمبر 2015


المفكرة المصرية

عماد أبو غازي

 كل سنة وأنتم طيبين النهار ده راس السنة المصرية...

 تنقسم السنة المصرية القديمة إلى اثنى عشر شهرًا متساوية يعقبها الشهر الصغير، نسيء، الذي يتكون من خمسة أيام في السنوات البسيطة وستة أيام في السنوات الكبيسة، وتحدد المفكرة الزراعية التي يعتمدها الفلاح المصري ما يزرع وما يجنى في كل يوم من أيام السنة، ولكل شهر من الشهور المصرية القديمة التي ظلت تحكم حياتنا الزراعية عبر آلاف السنين عبارات وأمثال شعبية ترتبط به.
رطب توت
 وشهر توت أول شهور السنة المصرية القديمة، ومن المقولات التي ترتبط به: "رطب توت" ففي هذا الشهر بداية موسم البلح.
 وينسب شهر توت لتحوت أو جحوتي إله السحر والحكمة والعلوم عند قدماء المصريين، الذي تنسب إليه كل الأمور المتعلقة بالثقافة الذهنية، وهو رب القلم ومخترع الكتابة ومقسم الزمن، لذلك أطلق المصريون اسمه على أول شهور سنتهم، وقد خففوا نطقه بعد ذلك إلى توت، وقد رمزوا له بطائر الأيبس، وكذلك بقرد البابون المصري.
 وتوافق بداية شهر توت يوم 11 سبتمبر في التقويم الميلادي الجريجوري في السنوات البسيطة، ويوم 12 سبتمبر في السنوات الكبيسة، والسنة المصرية الكبيسة تسبق السنة الميلادية الكبيسة بسنة، الأمر الذي يجعل اختلاف يوم بداية السنة المصرية لعام واحد كل أربعة أعوام.
بابه خش واقفل الدرابة
 شهر بابه ثاني شهور السنة المصرية، يقابل اليوم الأول منه يوم 11 أكتوبرفي السنوات العادية و12 أكتوبر في السنوات المصرية الكبيسة، وتختلف وجهات النظر في أصل اسم هذا الشهر، فينسب البعض اسمه إلى مدينة آبه، اسم قديم للأقصر، ربما كان اسم الشهر مأخوذا من إله الزرع بي نت رت، أو من الإله بتاح.
 وترتبط بشهر بابه بعض الحكم والأمثال الشعبية المصرية، فيقولون "إن صح زرع بابه غلب القوم النهابة... وإن هاف زرع بابه غلب القوم النهابة"، فشهر بابه يأتي بعد انحسار الفيضان واخضرار الأرض، ومستوى الزرع فيه يحدد مستقبل المحصول في السنة.
 أما المثل الشهير المرتبط بشهر بابه فيقول: "بابه خش واقفل الدرابة" أو البوابة، فهو يوافق بداية الخريف.
هاتور أبو الدهب منتور
 شهر هاتور ثالث شهور السنة المصرية، توافق بدايته يوم 11 نوفمبر في التقويم الميلادي، وينسب شهر هاتور إلى حتحور إلهة الحب والجمال والمرح، يعني اسمها مقر حور أو منزل حور، هي زوجة حور وعين رع التي انتقمت من أعدائه، تصور في شكل إمرأة ترتدي تاجا على شكل قرص الشمس يحيط بها قرنين، كما تصور كذلك على هيئة بقرة تحمل بين قرنيها قرص الشمس.
 أطلق اسمها على الشهر الثالث لأن الأرض تبدو فيه جميلة بجمال الزرع، وفي هذا الشهر يزرع القمح في الوجه البحري ومن هنا جاء المثل الشعبي المرتبط بالشهر والذي يقول: "هاتور أبو الدهب منتور"، كناية على بذر القمح فيه، ومن الأمثال المرتبطة بشهر هاتور كذلك: "إن فاتك زرع هاتور أصبر لما السنة تدور.
كيهك... صباحك مساك
 شهر كيهك رابع شهور السنة المصرية، ويوافق أوله الحادي عشر من شهر ديسمبر، ومعناه عيد اجتماع الأرواح، كاهاكا، وفقا لما ذكره الأثري المصري محرم كمال في كتابه آثار حضارة الفراعنة في حياتنا الحالية.
 ولشهر كيهك أهمية دينية كبيرة لدى الأقباط الأرثوذوكس؛ ففي التاسع والعشرين منه يحتفلون بعيد الميلاد المجيد، ويقابل هذا اليوم السابع من يناير في التقويم الميلادي الجريجوري، والخامس والعشرين من ديسمبر في التقويم اليولياني.
 ومن الأقوال الشائعة عن شهر كيهك قول الناس: "كيهك صباحك مساك، تقوم من فطورك تحضر عشاك" كناية عن قصر النهار في هذا الشهر، ففي منتصف كيهك يقع الانقلاب الشتوي الذي تصل فيه ساعات النهار إلى حدها الأدنى.
طوبة يخلي الصبية كركوبة
شهر طوبة الشهر الخامس من شهور السنة المصرية، وتوافق بدايته اليوم العاشر من شهر يناير من شهور السنة الميلادية، ولأن شهر طوبة يأتي في قلب الشتاء فقد ارتبطت به أمثال شعبية تشير إلى شدة البرد مثل: "طوبة أبو البرد والعنوبة"، و"طوبة تخلي الصبية كركوبة من كترة البرد والرطوبة"، وفي الكنايات يقال: "ماء طوبة"، إشارة إلى أنه شهر الأمطار في مصر، كما أن معنى الكلمة بالقبطية يشير إلى الغسل والتطهير، وفي العاشر منه عيد الغطاس المجيد.
أمشير أبو الزعابير
 أمشير الشهر السادس من شهور السنة القبطية، وفيه يبدأ الصيام الكبير للمسيحيين. وتوافق بدايته الثامن من شهر فبراير، وينسب إلى إله الرياح والعواصف، ففي هذا الشهر تشتد الرياح وفي العشر الأواخر منه تبدأ رياح الخماسين في مصر، والأقوال الشعبية المرتبطة بهذا الشهر تشير عادة إلى الرياح والعواصف، مثل: "أمشير أبو الطبل الكبير" أو "أبو الزعابيب الكتير" أو "أبو الزعابير"، ومنها "أمشير يقول لبرمهات عشرة مني وخد وعشرة منك هات تطير العجوز بين الفكات" إشارة إلى امتداد العواصف الترابية في العشر الأواخر منه والعشر الأوائل من الشهر الذي يليه، شهر برمهات. ولأن الزرع ينمو في أمشير ويقترب من النضج نقول: "أمشير يقول للزرع سير بلا تعسير القصير يحصل الطويل".
برمهات... روح الغيط وهات
 شهر برمهات السابع من شهور السنة المصرية القديمة، ويشير عالم المصريات محرم كمال في كتابه "آثار حضارة الفراعنة في حياتنا اليومية" إلى أن الشهر ينسب إلى أمنحتب.
 وفي شهر برمهات تأتي بداية الاعتدال الربيعي، وتنمو الزروع بسبب اعتدال الحرارة، ومن هنا قال الناس: "برمهات... روح الغيط وهات... أمحات وعدسات وبصلات".
برموده دق بالعموده
 برموده الشهر الثامن من شهور السنة المصرية القديمة وتوافق بدايته التاسع من شهر أبريل، وينسب شهر برموده إلى الإله رنوده إله الحصاد والمحصول عند المصريين القدماء، وفي هذا الشهر كان الحصاد يكتمل، ويقال في الأمثال: "برموده دق بالعموده"، كما يقال ورد برموده ففيه تزهر الزهور وتتفتح.
بشنس يكنس الأرض كنس
 شهر بشنس تاسع شهور السنة المصرية القديمة، وتصادف بدايته التاسع من مايو، وينسب إلى خنسو إله القمر عند المصريين القدماء، وفيه بداية اشتداد الحر، لذلك كان سلاطين المماليك يرتدون فيه الملابس الصيفية، وتحفل المصادر التاريخية التي ترجع إلى ذلك العصر بالإشارات إلى ارتداء السلطان البياض في بشنس، أي خلعه للملابس الشتوية وارتدائه للملابس الصيفية، ويقال في الأمثال: "بشنس يكنس الأرض كنس"، لأن المحاصيل تكون قد جنيت وتصبح الأرض فيه جرداء، كما يقال "نبق بشنس"، لأن ثمار النبق تنضج فيه.
بؤونه تكتر فيه الحرارة الملعونة
 بؤونه الشهر العاشر من شهور السنة المصرية القديمة، وتوافق بدايته الثامن من شهر يونيو بالتقويم الجريجوري، وفي 12 بؤونه يبدأ الفيضان وكان المصريون يحتفلون فيه بعيد نزول النقطة، ومن الأمثال الشعبية المرتبطة بشهر بؤونه: "بؤونه تكتر فيه الحرارة الملعونة، فهو أشد شهور السنة حرارة في مصر.
إن كلت ملوخية في أبيب هات لبطنك طبيب
 شهر أبيب الشهر الحادي عشر من شهور السنة المصرية القديمة، وتوافق بدايته الثامن من يوليو، وأصله وفقا لرواية الأثري المصري محرم كمال أبيبي وينسب للإله أبيبي، الذي يرمز له بالثعبان الكبير الذي أهلكه حور في الأسطورة الأوزيرية، في إشارة إلى الانتصار على التحاريق، ففي أبيب يتبدأ بشائر فيضان النيل.
 ويقال في الأمثال: "أبيب طباخ العنب والزبيب" في إشارة إلى نضج العنب في هذا الشهر، كما يقال كذلك "تين أبيب".
 ويرتبط بهذا الشهر مثل آخر يقول: "إن كلت ملوخية في أبيب هات لبطنك طبيب"، فالخبرة أوصلت المصري أن أكل الملوخية في فترة الحرارة المرتفعة والرطوبة تؤدي إلى إضرابات في الجهاز الهضمي.
مسر ى تجري فيها كل ترعة عسرة
 شهر مسرى أو مس رع، بمعنى ابن رع، الثاني عشر من شهور السنة المصرية القديمة، يبدأ في السابع من شهر أغسطس من شهور السنة الميلادية، وفيه يبلغ فيضان النيل ذروته لذلك ترتبط أمثال هذا الشهر بالفيضان، فيقال: "وإن ما جات مسرى تعجعج بنيلها لا خير في نيل يجيي في توت"، كما يقال: "مسرى تجري فيها كل ترعة عسرة".

الجمعة، 11 سبتمبر 2015


عبد اللطيف إبراهيم رائد دراسات الوثائق العربية
النهار ده برضه ذكرى أستاذي الدكتور عبد اللطيف إبراهيم، غاب عنا يوم 11 سبتمبر 2001
عماد أبو غازي

 يعد الدكتور عبد اللطيف إبراهيم واحدًا من أبرز رواد المدرسة الأكاديمية لدراسة الوثائق العربية في مـصر، ولد يوم 29 إبريل سنة 1926، وأمضى طفولته وشبابه في المنزل المملوك لأسرته في حي الجيزة، وكان الثاني بين ثلاثة أبناء وابنة، أنهى دراسته الثانوية بالمدرسة السعيدية بالجيزة، والتحق بكلية الآداب في جامعة فؤاد الأول ـ القاهرة حاليًا ـ في العام الجامعي 1945-1946، تخرج من قسم التاريخ في عام 1949، وبعد تخرجه عمل لفترة قصيرة بالتدريس في التعليم الثانوي، والتحق بالمعهد العالي للتربية فحصل على دبلوم التربية عام 1950، ثم اتجه إلي دراسة الآثار الإسلامية، في معهد الآثار التابع لكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، وحصل على الدبلوم العالي في تخصص الآثار الإسلامية سنة 1952، ومن هنا بدأت رحلته مع الوثائق العربية، حيث أمتد إسهامه العلمي في هذا المجال منذ منتصف الخمسينات من القرن العشرين حتى نهاية صيف العام الأول من القرن الجديد، قبيل وفاته في 11 سبتمبر 2001.
 وقد لعب الدكتور عبد اللطيف إبراهيم منذ التحاقه بقسم المكتبات والوثائق في منتصف الخمسينات دورًا رياديًا في إرساء قواعد مدرسة أكاديمية لدراسة الوثائق العربية في مصر، وكان للتكوين العلمي الأساسي للدكتور عبد اللطيف إبراهيم في التاريخ والآثار أثره الواضح على توجهاته البحثية.
  ويمكن أن نلخص جهود الدكتور عبد اللطيف إبراهيم في ثلاثة اتجاهات رئيسية:
  الاتجاه الأول: ما قدمه من دراسات وأبحاث في الوثائق العربية بدأ من رسالته للدكتوراه عن وثائق السلطان الأشرف قانصوه الغوري وانتهاء بآخر أبحاثه المنشورة عن إعداد المشتغلين بالأرشيف، فعندما سجل رسالته للدكتوراه بعنوان دراسات تاريخية وأثرية في وثائق من عصر الغورى، كانت أول رسالة أكاديمية في تخصص الوثائق، رغم أنها سجلت في قسم الآثار الإسلامية، وقد تتابع في الإشراف عليها أساتذة رواد في مجالات تخصصهم وهم: أدولف جروهمان ومحمد مصطفى زيادة وفريد شافعي، وقد حصل عليها بمرتبة الشرف الأولي من كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ـ قسم الآثار. 
 الاتجاه الثاني: الرسائل الأكاديمية التي أشرف عليها في تخصص الوثائق طوال أربعة عقود متوالية، تنوعت فيها الرسائل بين مجالات الدراسة الثلاث في علوم الوثائق: مجال علم الدبلوماتيك وتحقيق الوثائق ونشرها، ومجال الأرشيف، ومجال إدارة الوثائق الجارية.
الاتجاه الثالث: ما قدمه من جهود في مجال تطوير الدراسة في تخصص الوثائق في جامعة القاهرة، وغيرها من الجامعات المصرية وفي بعض الجامعات العربية كذلك.
 ولم تقتصر جهود الدكتور عبد اللطيف إبراهيم على ما قام به في مجال تأسيس مدرسة أكاديمية للوثائق العربية في مصر بل امتدت إلى الأشراف العلمي على الرسائل الأكاديمية في تخصصات الآثار والتاريخ، بالإضافة إلى جهوده في تأسيس المؤسسات الأرشيفية في الوطن العربي وتطويرها.
ويمتد تاريخه مع الدرجات العلمية الذي توجه بدرجة الدكتوراه على النحو التالي:
    ·    دكتوراه الآداب (تخصص آثار) كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، 1956 .
    ·    دبلوم عالي في الآثار ـ تخصص آثار إسلامية ـ جامعة القاهرة ، 1952 .
    ·    دبلوم المعهد العالي للتربية ، 1950 .
    ·    ليسانس الآداب ـ قسم التاريخ ـ كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، 1949 .
 أما عن الجانب الوظيفي في حياته، فقد توفي وهو يشغل وظيفة أستاذ الوثائق غير المتفرغ ـ بقسم المكتبات والوثائق والمعلومات ـ كلية الآداب جامعة القاهرة، وذلك بعد أن تدرج في السلك الأكاديمي علي النحو التالي:
    ·    مدرس الوثائق بقسم المكتبات والوثائق بكلية الآداب، جامعة القاهرة، 1956.
    ·    أستاذ مساعد الوثائق بقسم المكتبات والوثائق بكلية الآداب، جامعة القاهرة، 1962 .
    ·    أستاذ الوثائق بقسم المكتبات والوثائق بكلية الآداب، جامعة القاهرة، 1968.
    ·    أستاذ كرسي الوثائق العربية بجامعة القاهرة، 1970.
    ·    أستاذ الوثائق المتفرغ، 1986.
 وقد تولى الأستاذ الدكتور عبد اللطيف إبراهيم رئاسة قسم المكتبات والوثائق بجامعة القاهرة عدة مرات، فضلًا عن إشرافه على عدد من أقسام المكتبات والوثائق في الجامعات المصرية.
   الأنشطة المهنية العلمية الأخرى:
    ·    التدريس في عدد من الجامعات العربية في عدة دول منها: السودان والمملكة العربية السعودية وقطر.
    ·    الأشراف على عشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعات المصرية والعربية، والمشاركة في مناقشة عشرات أخرى من الرسائل في تلك الجامعات في تخصصات الوثائق والتاريخ والآثار والمكتبات.
    ·    إنشاء عدد من أقسام الوثائق والمكتبات في الجامعات المصرية والعربية ووضع لوائحها.
    ·    المشاركة في عضوية اللجنة العلمية لترقية الأساتذة المساعدين والأساتذة في الجامعات المصرية لعدة سنوات وتولى رئاستها.
    ·    المشاركة في تحكيم أبحاث الترقي في عدد من الجامعات العربية.
    ·    وضع برامج التدريب في مجال الوثائق والأرشيف.
    ·    المشاركة في وضع اللوائح لعدد من الأرشيفات القومية في الوطن العربي.
    ·    التخطيط لمشروع كتابة تاريخ القانون في مصر من خلال الوثائق الذي قامت به لجنة القانون والعلوم السياسية بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية والإشراف عليه وقد أسفر المشروع عن جمع عدة آلاف من الوثائق المصرية على الميكروفيلم وحفظها وإتاحتها للباحثين.
عضوية الجمعيات والمؤسسات العلمية والثقافية:
    ·    عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية.
    ·    عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.
الإنتاج العلمي:
  1.  دراسات تاريخية وأثرية في وثائق من عصر الغورى ؛ رسالة دكتوراه غير منشورة تحت إشراف أدولف جروهمان ومحمد مصطفى زيادة وفريد شافعي ، كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ـ قسم الآثار.
  2.  وثيقة الأمير أخور قراقجا الحسني : دراسة ونشر وتحقيق ؛ مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، مج 18 ، ع 2 ، 1956 .
  3.  التوثيقات الشرعية والإشهادات في ظهر وثيقة الغورى:دراسة ونشر وتحقيق ؛  مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، مج 19 ، ع1 ، 1957 .
  4.  إعداد الأرشيفيين في البلاد العربية ؛ في ندوة تطوير الأرشيف في البلاد العربية ، تونس ، 1983 .
  5.  إعداد المشتغلين بالوثائق ؛ مجلة المكتبة العربية ، ع 4 ، 1965 .
  6.  إعداد وتدريب أمناء المكتبات الجامعية ووضعهم الأكاديمي ؛ في ندوة أمناء ومديري المكتبات بالجامعات العربية ، بغداد ، مارس 1972 .
  7.  أهمية الوثائق التاريخية ؛ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، القاهرة ، 1974 .
  8.  ابن الصائغ الخطاط ومدرسته ؛ مجلة المكتبة العربية ، ع 3 ، 1963 .
  9.  ابن تغرى بردى وكتابه النجوم الزاهرة ؛ مجلة منبر الإسلام ، ع 10 ، مارس 1964 .
10.استخدام الميكروفيلم؛ المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة ، 1974 .
11.التجليد في مصر الإسلامية: جلدة مصحف بدار الكتب المصرية، مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة، مج 22 ، ع 1 ، 1962 .
12.التشريعات التي تنظم أعمال المحفوظات ؛ المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة ، 1974 .
13.الدنجاوى الخطاط كاتب الوثائق ؛ مجلة المكتبة العربية ، ع 2 ، 1963 .
14.دار المحفوظات وأهميتها ؛  المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة ،1974 .
15.دار الوثائق التاريخية وأهميتها ؛ المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة ، 1974 .
16.الوثائق القومية ؛ في الحلقة الدراسية للخدمات المكتبية والوراقة والتوثيق والمخطوطات العربية والوثائق القومية ، دمشق ، 1972 .
17.صيانة الأوراق ؛  المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة ،1974.
18.فى مكتبة دير سانت كاترين : دراسة في الوثائق العامة في العصور الوسطى ، مجلة جامعة أم درمان الإسلامية ، ع 1 ، 1968 .
19.لائحة الحفظ وطرق إعدادها ؛  المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة، 1974.
20.مبادئ التعرف على الأوراق؛ المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة،1974 .
21.مخازن الحفظ المحلية ؛ المنظمة العربية للعلوم الإدارية، القاهرة ،1974.
22.مكتبة عثمانية : دراسة نقدية ونشر لرصيد المكتبة ، مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، مج 20 ، ع 2 ، 1958 .
23.من وثائق التاريخ العربي ؛ مجلة جامعة القاهرة ـ فرع الخرطوم ، ع 2 ، 1971 .
24.من وثائق سانت كاترين : ثلاث وثائق فقهية ؛  مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، مج 25 ، ج2 ، 1963 .
25.وثائق التاريخ العربي ؛ مجلة منبر الإسلام ، ع 5 ، أكتوبر 1963.
26.وثائق الوقف على الأماكن المقدسة؛ في المؤتمر الأول لتاريخ الجزيرة العربية، الرياض ، 1977.
27.وثيقة بيع: دراسة ونشر وتحقيق، مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، مج 19 ، ع 2 ، 1959.
28.وثيقة باستلام كتب : دراسة ونشر وتحقيق، مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، مج 24 ، 1962.
29.وثيقة وقف مسرور الشبلى الجمدار: دراسة ونشر وتحقيق، مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة ، مج 21، ج 2، 1959.
30.من الوثائق العربية في العصور الوسطي: وثيقة استبدال ، مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة، مج 25 ، ع 2 ، 1963 .
31.نصان جديدان من وثيقة الأمير صرغتمش، مجلة كلية الآداب ـ جامعة القاهرة، مج 28 ، 1966.
32.الوثائق في خدمة الآثار ـ العصر المملوكي؛ في دراسات في الآثار الإسلامية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، القاهرة ، 1979.
33.الوثائق في خدمة الآثار، وثيقة وقف قايتباي؛ في دراسات في الآثار الإسلامية ، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، القاهرة ، 1979.
34.من الوثائق العربية في العصور الوسطي : خمس وثائق شرعية ، مجلة جامعة أم درمان الإسلامية، ع 2 ، 1969 .
الجوائز والأوسمة:
حصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية عام 1973 .
حصل على وسام الفنون والعلوم والفنون من الطبقة الثانية عام 1973 .
حصل على شهادة تقدير ودرع التكريم من جامعة القاهرة على عطائه الممتد للجامعة في إبريل عام 2001 .
 هذا وقد رصد المتخصصون في الحضارة الإسلامية من المستعربين جهوده منذ فترة مبكرة في النصف الثاني من الخمسينات إلى أواخر التسعينيات قبيل وفاته، وأشار إلى تلك الجهود رويمر من ألمانيا وأدولف جروهمان من النمسا وكلود كاهين من فرنسا وبسيم قرقوت من يوغسلافيا وتتسويا أوتوشي من اليابان.

 

أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...