الثلاثاء، 5 أبريل 2016

من أوراق بدر الدين أبو غازي (3)



  انتبهت من بوست للصديق سعد نعمان عاشور إن النهاردة يوافق الذكرى 29 لرحيل أبوه الكاتب المسرحي المبدع نعمان عاشور، امبارح لقيت في أوراق أبويا مسودة رسالة كان كتبها لصديقه نعمان عاشور، ومعاها مسودة مقالة قصيرة عنوانها "كورنيش المعادي... كورنيش الموت"، تاريخ الرسالة بيرجع لسنة 1979، بعد شهور من وفاة أخويا الكبير مختار بسبب حادثة عربية على كورنيش المعادي في يناير سنة 79، أما مسودة المقالة فأظن أنه مكتوب بعدها بفترة.


  رسالة إلى نعمان عاشور


 عزيزي الأستاذ نعمان عاشور

  قرأت مقالك الأخير في جولة الفكر؛ فأثار عندي شجونًا لم تهدأ، وقلب في النفس مواجعًا.

 لقد أصبت يا صديقي عندما قلت أن ما يحدث على طريق المعادي هو نوع من القتل مع سبق الإصرار والترصد، وليس مجرد إهمال أو تقصير.

 ولقد اعتدنا نحن سكان الأحياء القائمة على امتداد هذا الطريق أن نسميه طريق الموت، وحقًا كم ذهب ضحية هذا الطريق من شباب وشيوخ وأطفال.

 منذ شهور قليلة فقدت إبني الشاب في طريق عودته إلى البيت... راح ضحية هذا الإظلام الدامس الذي تضطرب فيه الرؤى وتغشى الأبصار من أضواء كشافات السيارات المضادة التي يحاول كل منها أن يستعين على الظلام بضوئه الخاص.

 راح كما راحت ضحايا هي دليل على امتهان قيمة الإنسان، ونظل نحن نتكلم فيما بيننا بلا حراك، لنواجه مصائد الموت تنصب لنا في هذا الطريق، ولكنك قلتها عالية في عمودك المنيربأضواء فكرك.

 ولقد آن لنا أن نواجه هذه الأمور بشجاعة وإصرار، فإن ما أصاب غيرنا قد يصيبنا إذا استمرت هذه الحال.

 إتها أزمة صدق وأزمة خلق قبل كل شيئ، فلقد تفشت ظاهرة التستر وإخفاء الحقيقة ولو كان ثمنها حياة الناس.

 يمر كبير على الطريق ففي لمح البصر تستر عوراته، وترمم مطباته، وتزال قمماته؛ فإذا ما انتهى الموكب عادت الحال إلى أسوأ مما كان.

 وفي مثل حوادث هذا الطريق لا ينبه أحد إلى مصدر الخطر وأسبابه... ولقد طالعت في محضر حادث ابني الذي يثبت أن "الإضاءة في الطريق جيدة". وبذلك قيدت الحادثة عوارض برقم كذا، وضاعت الحقيقة في أزمة صدق يعانيها مجتمعنا.

 لو أن المسئولين في كل مرة أثبتوا انقطاع الإضاءة في هذا الطريق وبينوا سوء حالة، ولو أنهم تنبهوا إلى أن عشرات الحوادث وقعت أمام أكشاك الشرطةالنيلون التي تزين الطريق، بل أمام مستشفى المعادي دون أن يتحرك أحد لدماء تنزف ونفوس تحتضر... ولو أن شيئًا من صحوة الضمير يستوقف النظر لكان في ذلك كله بادرة من بوادر الإصلاح.






كورنيش المعادي... كورنيش الموت

 لا يكاد يمضي ليلة دون أن تقع على كورنيش المعادي فاجعة تذهب ضحيتها أرواح بريئة، وتتحطم على الطريق سيارات تمثل جزءًا من ثروة البلاد.

 ولو كانت الدولة قد وفرت الأمان لهذا الطريق؛ لقلنا أنه خطأ السائقين، ولكن إهمالًا شديدًا يؤدي إلى كثير من الحوادثالتي تكاد أن تتكرر في مواقع محددة منها: كوبري الكورنيش ـ الطريق الجانبي المؤدي إلى مبانس شركات الملاحة ـ مدخل مستشفى المعادي.

 ومعظم هذه الحوادث ترجع إلى:

(1)              عدم وجود إشارات ضوئية في هذه المواقع، فضلًا عن أن أضواء الكورنيش إما مطفأة إهمالًا أو أو خافتة الضوء تضلل السائقين، بينما نجد أضواءً تغشي الأبصار من كثرتها في شوارع أخرى.

(2)              سوء رصف الكورنيش وما يؤدي إليه من حوادث دامية في ساعات المطر.

(3)              وثالثة الأسافي أن ضحايا الطريق من السيارات تترك في مواقعها أيامًا وليال مستعرضة الطريق، وكأنها شراك نصبت لتحطم السيارات القادمة.

وبالأمس فقط وقع حادث مؤسف على الطريق أودى بحياة برئ بسبب سيارة مازوت تركت وسط كوبري المعاديمنذ ثلاثة أيام دون علامة أو إشارة ضوئية.




 إلى متى هذا الاستهتار بأرواح المواطنين، وهل ثمة أمل في أن يدرك المسئولون عن هذه الشئون واجبهم؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...