الجمعة، 15 مايو 2015


في ذكرى النكبة

 تمر اليوم الذكرى 67 لإعلان دولة إسرائيل وبدأ الحرب العربية الإسرائيلية، حرب 48، أعيد اليوم نشر مقال كنت قد كتبته عن حرب 1948 في ذكرها الستين...

لماذا هزمنا في حرب 48 ؟
 و لماذا ضاعت فلسطين؟

عماد أبو غازي

 ستون عامًا مضت على ما نسميه في أدبياتنا السياسية العربية "النكبة"، و"النكبة" هي هزيمة العرب، أو بمعنى أدق جيوش ست أو سبع دول عربية، في الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، حرب 1948، وهي الهزيمة التي أدت إلى ضياع نصف فلسطين، وقيام دولة إسرائيل عليها، وبقيت بين يدي العرب مساحة تقارب نصف فلسطين، غزة والمناطق التي أسميناها الضفة الغربية لنهر الأردن ومعها مدينة القدس القديمة، ذلك النصف الذي تسلمته مصر وإمارة شرق الأردن وبقى في حوزتهما، حافظت مصر على قطاع غزة كمنطقة فلسطينية تحت الإدارة المصرية وضمت شرق الأردن الضفة إليها مكونة المملكة الأردنية الهاشمية، إنه النصف الذي تأجل ضياعه لعشرين عاما أخرى عندما ابتلعت إسرائيل ما تبقى من فلسطين في حرب يونيو 1967.
  طرحت النكبة على العقل العربي أسئلة متعددة ومازالت تطرح، مثل: لماذا هزمنا في حرب 48؟ ولماذا ضاعت منا فلسطين؟ ولماذا هزمنا ونحن أكثر من اليهود عددًا؟ لماذا هزمنا ونحن جيوشًا وهم "عصابات"؟
 ولهذه الأسئلة إجابات متعددة أقربها حضورًا على ألستنا طوال ستين عامًا: إنها الأسلحة الفاسدة! أو الخيانة! وربما كان تآمر حكامنا هو السبب! أو ربما التحالف الاستعماري مع المنظمات الصهيونية التي أسست إسرائيل ودعمه المفتوح لها!
 فهل هذه هي الإجابات الحقيقية أو الوحيدة؟
 لقد ثبت أن قضية الأسلحة الفاسدة أسطورة "فاسدة" وحجة واهية مليئة بالمبالغات، أما خيانة حكامنا وتأمرهم فاتهام قد يطال بعض الحكام العرب الذين جمعتهم علاقات وطيدة مع زعماء الحركة الصهيونية منذ عشرينيات القرن العشرين مثل الهاشميين، لكنه لا يطالهم جميعًا، فهي تهمة لا تطال بأي حال الملك فاروق أو حكومته أو قادة جيشه، فلم يكن فاروق خائنًا ولا الفريق حيدر ولا النقراشي باشا، وكان النصر حيويًا لهم؛ لكن ما باليد حيلة فقد دخل فاروق الحرب واهمًا أنه سوف يحقق نصرًا سهلًا، وأرغم حكومته وجيشه على دخولها، والنصر كان سيضيف إليه إضافة تاريخية تمد في أجل حكمه المتهاوي، كان يسعى بالفعل إلى النصر ولا يتآمر من أجل الهزيمة، أما الدعم الاستعماري فأمر معروف لا شك فيه، وليست الدولة اليهودية في فلسطين إلا جزءًا من المشروع الاستعماري الأوروبي الكبير في المنطقة منذ طرح بونابرت الفكرة أثناء حملته على مصر والشام نهاية القرن الثامن عشر، ثم بلورها بالمرستون وزير خارجية بريطانيا عقب هزيمة محمد علي وإرغامه على توقيع اتفاقية لندن في سنة 1840، وحَوَلَ بلفور الدولة اليهودية لمشروع فعلي بوعده الشهير في نوفمبر 1917، ذلك الوعد الذي أصبح قيد التنفيذ منذ خضعت فلسطين للانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى بمقتضى مقررات مؤتمر الصلح، إذاً فمن يدخل الحرب دون أن يحسب حساب الدعم الاستعماري للمنظمات اليهودية غافل بل مغفل، وإذا هُزم فحجته غير مقبولة.
  دائمًا نردد أن العرب مجتمعين كانوا ـ وما زالوا ـ أكثر عددًا من الإسرائيليين. فعلًا مجموع شعوب الدول العربية أكبر من المستوطنين اليهود في فلسطين، والفلسطينيين أكثر عددًا من المستوطنين اليهود الوافدين، لكن السؤال الذي ينبغي أن نبحث عن إجابته، هل حقًا كانت القوات العربية أكثر عددًا من القوات الإسرائيلية في ميدان المعارك؟
 الإجابة لا، فمجموع الجيوش العربية التي دخلت فلسطين ليلة 14/15 مايو 1948 كان واحد وعشرين ألف مقاتل موزعين على النحو التالي: لمصر عشرة آلاف مقاتل، وللأردن أربعة آلاف مقاتل، ولكل من سوريا والعراق ثلاثة آلاف مقاتل، أما لبنان فشارك بألف مقاتل، وعلى الجانب الآخر كان عدد القوات التابعة للمنظمات اليهودية في فلسطين خمسة وستين ألف مقاتل وعشرين ألف مقاتل احتياطي، يشكل جيش الهاجاناه قوامها الأساسي، فقد وصل عدد مقاتليه إلى 62 ألف مقاتل، إضافة إلى قوات منظمة الأرجون، وقوة البوليس اليهودي الذي كان خاضعًا للإدارة البريطانية، فضلًا عن منظمة شتيرن الإرهابية والتي كان عدد أفرادها قليلًا لا يتجاوز عدة مئات، أي أن القوات اليهودية كانت أكثر عدد من القوات العربية لخمس دول، كان عددها يبلغ ثلاثة أضعاف عدد الجيوش العربية مجتمعة.
 وبعد المرحلة الأولى من المعارك وإعلان الهدنة، زاد كل طرف من الطرفين قواته قبل استئناف المعارك، فوصل مجموع الجيوش العربية إلى خمسة وخمسين ألف وسبعمائة مقاتل، حيث وصل عدد كل من الجيشين المصري والعراقي إلى خمسة عشر ألف مقاتل والجيش الأردني إلى عشرة آلاف مقاتل والجيش السوري إلى ثمانية آلاف مقاتل أما الجيش اللبناني فتضاعف عدد قواته إلى ألفي مقاتل، أما المملكة العربية السعودية فقد شاركت في تلك المرحلة من الحرب بسبعمائة مقاتل وكان هناك خمسة آلاف مقاتل متطوعين من فئات متفرقة، في المقابل ضاعف الجانب الإسرائيلي أيضا قواته لتصل إلى مائة وعشرين ألف مقاتل.
 هذا عن العدد الذي حقق فيه الجانب الإسرائيلي تفوقًا دائمًا طوال فترة الحرب العربية الإسرائيلية الأولى، فرغم أن ست دول عربية من الدول السبع "المستقلة" قد دخلت ميدان المعركة، فضلًا عن متطوعين من دول أخرى محتلة، مثل السبعمائة متطوع ليبي الذين جمعهم عزام باشا أمين عام الجامعة العربية بحكم علاقته التاريخية بليبيا فقد كان التفوق العددي دومًا من نصيب إسرائيل.

 أما العدة والعتاد والاستعداد فحدث ولا حرج، كانت هناك ستة جيوش عربية في ميدان المعركة، لكنها ليست بجيوش حقيقية على مستوى الخبرة والتدريب والتجهيزات والتسليح والتنسيق.
 من حيث التكتيك العسكري كانت الجيوش العربية تعتمد على أساليب قديمة في مواجهة أساليب حرب عصابات حديثة اتبعتها القوات الإسرائيلية، تلك القوات التي اكتسبت خبرة حقيقية من خلال مشاركتها في معارك حقيقية أثناء الحرب العالمية إلى جانب الحلفاء ضد المحور، بينما كانت جيوشنا تقوم بمهام محدودة هامشية في تلك الحرب، وكانت شعوبنا تهتف في الشوارع إلى الأمام يا روميل.
 وعلى مستوى التسليح كان هناك تفوق واضح للجانب الإسرائيلي، كان تسليح القوات الإسرائيلية حديثًا متطورًا، في مقابل أسلحة قديمة بلا صيانة تمتلكها الجيوش العربية، هذا فضلًا عن نقص الذخائر الذي دفع رئيس الوزراء الأردني توفيق باشا أبو الهدى إلى دعوة قائد جيشه الجنرال جلوب البريطاني إلى عدم المبادرة بإطلاق النار على اليهود واستخدام الذخيرة في الرد عليهم فقط إذا بادروا بإطلاق النار! كانت القوات الإسرائيلية تمتلك ورشًا لإصلاح وصيانة وتطوير الأسلحة، بل مصانع لتصنيع بعض أنواع السلاح الخفيف، بينما كانت الجيوش العربية مضطره لإرسال أسلحتها إلى بلدانها للصيانة والإصلاح.
 كانت القوات الإسرائيلية على خبرة عالية بالأرض التي تحارب عليها، بينما معظم الجيوش العربية لا تعرف شيئا عن ميدان المعركة، كانت هناك ستة جيوش عربية يفترض أنها تحارب معركة واحدة لكن دون تنسيق حقيقي بينها ودون هدف استرتجي واحد، هل الهدف تأمين الأراضي المخصصة للعرب في قرار التقسيم؟ هل الهدف ملء الفراغ الناجم عن انسحاب بريطانيا وإنهاء انتدابها لفلسطين؟ هل الهدف طرد المستوطنين اليهود من فلسطين؟ هل الهدف إقامة دولة فلسطينية على كامل أرض فلسطين؟ أم مجرد تحقيق مكاسب داخلية لكل نظام في بلده؟ أم ورطة تورطت فيها تلك الجيوش التي كان معظم قادتها يرون أنهم غير جاهزين للحرب، ويرى بعض الساسة في الدول التي دخلت الحرب أنهم دخلوا حربًا لا ناقة لهم فيها ولا جمل؟
 لقد كان التنسيق العسكري الميداني مفتقدًا بين الجيوش العربية وكانت سياسة المحاور المتصارعة بين الدول العربية المشاركة في المعارك هي الغالبة، محور هاشمي أردني عراقي في مواجهة محور مصري سوري، علاقة عدائية تاريخيًا بين الهاشميين والسعوديين، ولبنان يبدو محايدًا في تلك الصراعات، أما اليمن تحت حكم الإمام فعلى هامش الدنيا والتاريخ والزمن.
 كانت القوات الإسرائيلية تنفرد بجيش عربي وراء جيش، والجيوش الأخرى تقف موقف المتفرج، فحقق الإسرائيليون تفوقًا تكتيكيًا فوق تفوقهم العددي بفضل غياب التنسيق بين الجيوش العربية.
  لكن هل كانت الحرب مفاجأة للعرب حتى يقعوا في هذا التخبط والارتباك؟ في الحقيقة كانت الأمور كلها تنبأ بالحرب ما دام العرب يرفضون قرار التقسيم ويرفضون الاستعمار الاستيطاني لفلسطين فلم يكن أمامهم إلا الاستعداد للقتال، لكنهم لم يستعدوا أبدًا.
 فرغم إعلان الدولة العربية رفضها لقرار التقسيم ورغم بيان الجامعة العربية حاد اللهجة عالي الصوت كالعادة الذي صدر في 8 ديسمبر 1947، لم تستعد الدول العربية للموقف بل قررت الحكومات العربية عدم الدخول إلى فلسطين إلا بعد انسحاب بريطانيا، ربما لم يكن في قدرتها غير ذلك! لكنها لم تجهز قواتها لما بعد الانسحاب، وكان البديل قوات المتطوعين ناقصة التدريب فاقدة الخطة والاستراتيجية التي دخلت فلسطين، من الشمال دخل جيش الإنقاذ بقيادة فوزي القاوقجي في ديسمبر 1947، وقام بعدد قليل من العمليات الفاشلة، ومن الجنوب دخلت كتائب المتطوعين المصريين بقيادة الشهيد أحمد عبد العزيز وقامت ببعض العمليات الناجحة واستمرت في ساحة المعارك إلى أن سقط أحمد عبد العزيز برصاص الجيش المصري في أغسطس 1948! في مقابل حرب عصابات ناجحة مؤثرة من جانب المنظمات اليهودية كانت حرب العصابات العربية ضعيفة وغير مؤثرة، وكان لهذا تأثيره السلبي على جموع الشعب الفلسطيني التي لم تنتظم في حركة مقاومة مسلحة لمواجهة اغتصاب الأرض والوطن.
 كانت السنوات التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية قد شهدت تصعيدًا في العمليات الإرهابية التي كانت تقوم بها المنظمات المسلحة اليهودية ضد السكان الفلسطينيين بهدف إجبارهم على ترك أراضيهم تمهيدًا لقيام الدولة اليهودية، وكثيرًا ما كانت سلطات الانتداب البريطاني تتغاضى عن هذه العمليات بل كانت توفر لها أحيانًا غطاء ومساندة، وقد شهدت الأسابيع السابقة على الانسحاب البريطاني من فلسطين ليلة 14/15 مايو 1948 وإعلان دولة إسرائيل تصاعدًا في وتيرة المذابح التي تنفذ ضد المدنيين الفلسطينيين، والتي قامت بها الجماعات الصهيونية المسلحة فيما يشبه عمليات للتطهير العرقي، وكان لها ـ وللأسف بفضل الدعاية العربية التي ضخمت في هذه المذابح أحيانًا وعملت على نشر أخبارها ـ أثرًا نفسيًا سلبيًا على آلاف من الفلسطينيين الذين تركوا أراضيهم وهربوا، لقد تصور بعض الساسة الفلسطنيين أنهم بذلك يحفزون الشعب على المقاومة لكن النتيجة كانت عكسية، فسهلوا مهمة القوات الصهيونية في الاستيلاء على الأراضي المقررة لقيام الدولة اليهودية وفقًا لقرار التقسيم، بل وعلى مساحات أكبر منها مما كان مخصصًا للدولة العربية، ولعل أشهر تلك المذابح وأوفرها "حظًا" من الدعاية مذبحة دير ياسين (أبريل 1948) وقد نفذت هذه المذبحة جماعتا الأرجون وشترن اليمنيتين المتطرفتين، حيث أزالتا قرية دير ياسين إحدى قرى القدس التي كان عدد سكانها يبلغ 700 نسمة من الوجود بهدف بث الرعب في قلوب الفلسطينيين، وبلغ عدد من سقط من الفلسطينيين في مذابح أبريل 1948 أكثر من 1500 فلسطيني، ويقول المؤرخ الإسرائيلي أريه يتسحافي عن تلك المذابح: "إنه في بلدة واحدة قتل ستون من الأعداء (يقصد الفلسطينيين) في منازلهم من غير المقاتلين، وقد كان من المستحيل تفادي ضرب النساء والأطفال، ففي بلدة أخرى تم تفجير 20 منزلًا بسكانهم وقتل حوالي ستين من العرب معظمهم من النساء والأطفال"، ويفاخر مناحم بيجين الذي كان زعيمًا لجماعة الأرجون التي أسهمت في تنفيذ مذبحة دير ياسين بما حدث فيقول في مذكراته: "استولى على العرب في جميع أنحاء فلسطين بعد مذبحة دير ياسين رعب لا حد له وأخذوا يهربون للنجاة بأرواحهم"، وكان هذا بالتحديد الهدف المنشود، أن يترك الفلسطينيون الأرض خالية أمام القوات اليهودية لتتقدم دون مقاومة، لقد تحولت العمليات الصهيونية خلال الأسابيع القليلة التي سبقت 15 مايو 1948 إلى عمليات حربية واسعة النطاق تدعمها القوات البريطانية بطريق مباشر مرة، وبطرق غير مباشرة مرات، وتتغاضى عنها مرات ومرات، وعرف التحرك الصهيوني بخطة داليت وهي خطة هجومية للاستيلاء على الأراضي العربية مع الانسحاب البريطاني عنها، استهدفت السيطرة على المنطقة المخصصة لليهود وفقًا لقرار 29 نوفمبر 1947 بتقسيم فلسطين، ثم التوسع خارج الحدود التي رسمتها الأمم المتحدة في قرار التقسيم للدولة اليهودية، وخلال فترة وجيزة تم احتلال أجزاء واسعة من فلسطين وطرد أهلها منها وتدمير القرى العربية بأكملها، لقد نجحت الحملة في إرغام عشرات الآلاف من الفلسطينيين على ترك أرضهم، وجعلت القوات اليهودية في مركز قوة عند بدء الحرب.
 لقد كانت نتيجة الحرب محسومة قبل أن تبدأ، معطيات الواقع تقول ذلك، لقد كانت الدول العربية "المستقلة" حينذاك سبع دول، أغلبها منقوص الاستقلال، لم يكن للعرب حليف دولي يساندهم فإقامة إسرائيل مشروع للدول الاستعمارية الكبرى، والمعسكر الآخر ممثلًا في الاتحاد السوفيتي تبنى قرار التقسيم، ومواقف الساسة العرب دائمًا في الجانب الخاطئ، مفتي فلسطين الشيخ أمين الحسيني ألقى برهانه على المعسكر الخاسر عندما تقرب من ألمانيا النازية، فاكتسب للقضية عداء القوى الديمقراطية والتقدمية في العالم الغربي أو على الأقل فتورها.
 لقد دخلت الحكومات العربية المعركة دون قدرة عسكرية أو تخطيط سياسي أو حتى قدرة على تخيل العواقب المنتظرة، رئيس الحكومة الأردنية يبلغ قائد جيشه أن الحكومة لن تتحمل أي نفقات مالية للحرب وعلى الجيش أن يدبر أمره في حدود ميزانيته التي لا تكفي أساسًا، ورئيس وزراء مصر لا يتصور أن الحرب ستطول ويتوقع تدخل دولي سريع لوقفها، وأمين عام الجامعة العربية سعيد بسبعمائة متطوع ليبي بدون سلاح ويسعى لتوفير 700 بندقية إيطالي لهم! وساسة عرب يروجون لشعوبهم إننا نحارب عصابات لن تصمد أمامنا.
وبعد ذلك نسأل لماذا هزمنا!
 لم تكن المعركة بين مجموعات متكافئة تتصارع على أرض فلسطين، لقد كانت المعركة صراعًا بين الشرق بتخلفه وارتباكه وعجزه والغرب بتقدمه وقدرته على التخطيط والتفكير العلمي، لقد كنا ـ للأسف ـ مجتمعات غير مؤهلة لهذه المواجهة فكريًا ولا سياسيًا ولا عسكريًا.
  لقد حكمنا منطق كل شيء أو لا شيء، ففقدنا كل شيء، لقد فقدنا في حرب 48 جزء من الأراضي المخصصة للدولة العربية وفقًا لقرار التقسيم، وقامت إسرائيل واعترف بها العالم، فلماذا لم تعلن دولة فلسطين فيما تبقى من أرض لتكون منطلقًا لتحرير كل فلسطين؟
  لقد ظلت الضفة وغزة في أيدي العرب عشرين عامًا أخرى بعد قرار التقسيم دون أن تتحولا إلى دولة فلسطينية، وظل اللاجئون مشردون بين لبنان وسوريا والأردن ومصر وغيرها من بلاد العرب، لتضيع البقية الباقية من فلسطين لأن نفس المنطق ظل يحكمنا.
 بعد كل هذا هل يبقى لسؤال لماذا خسر العرب الحرب معنى؟ أم يطرح سؤال آخر نفسه: هل كان يمكن أن ينتصر العرب في تلك الحرب؟

وكما قال نزار قباني في أعقاب النكسة:
إذا خسرنا الحرب.. لا غرابة
لأننا ندخلها
بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابة
بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة
لأننا ندخلها..
بمنطق الطبلة والربابة...

هناك تعليق واحد:

  1. كلما أقرأ لك أتعلم منك الكثير دمت لنا يا أستاذي العزيز

    ردحذف

لطيفة الزيات: قائدة في انتفاضة ١٩٤٦ وفارسة في مواجهة التطبيع

  لطيفة الزيات: قائدة في انتفاضة ١٩٤٦  وفارسة في مواجهة التطبيع   عماد أبو غازي     لطيفة الزيات علامة من علامات الجيل الذي ولد بعد ثو...