الجمعة، 3 أكتوبر 2014


عيد بأية حال عدت يا عيد

          عيد بأية حال عدت يا عيد          بما مضى أم لأمر فيك تجديد

 ربما يكون هذا البيت من الشعر الذي قاله المتنبي شاعر العربية الكبير أشهر ما كتب في العربية عن العيد، والبيت مطلع قصيدة للمتنبي من ثمانية وعشرين بيتًا، قالها في هجاء كافور الأخشيدي المتصرف في أمر مصر، ويقول المتنبي في قصيدته:

 والمتنبي هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، كني بأبي الطيب. ولد بالكوفة، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية لطلب الأدب والعلم، قال الشعر منذ صباه وبرع فيه، وتنبأ في بادية السماوة التي تقع بين الكوفة والشام، فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد حاكم مصر والشام فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
 وقد احترف المتنبي مدح الحكام طلبًا للعطايا والمناصب، واعتاد أن ينقلب على من يمدحهم عندما لا يجزلون له العطاء، وفد على سيف الدولة الحمداني في حلب، فمدحه وصارت له حظوة عنده، ثم هجره واتجه إلى مصر التي كانت تحت حكم الأخشيديين، فمدح كافور الإخشيدي صاحب الأمر والنهي في مصر بقصيدة مطلعها:

    عَـلَى قَـدرِ أَهـلِ العَـزمِ تَأتِي العَزائِمُ    وتَــأتِي عَـلَى قَـدرِ الكِـرامِ المَكـارِم

   وتَعظُـم فـي عَيـنِ الصّغِـيرِ صِغارُها       وتَصغُـر فـي عَيـنِ العَظِيـمِ العَظـائِمُ

 وأبو المسك كافور الإخشيدي كان في الأصل عبدًا واشتراه أبو بكر محمد بن طغج الإخشيد والي مصر الذي استقل بها عن الدولة العباسية، وكان ذلك في سنة اثنتي عشرة وثلثمائة، وترقى كافور عند سيده الجديد ونسب إليه، وصارت له الحظوة عند الأخشيد إلى أن جعله أتابكًا لولديه، أي مشرفًا على تربيتهما، وقام كافور بتدبير أمور الدولة في عهود أبناء محمد بن طغج الأخشيد، ثم انفرد بالحكم في نهاية الأمر.
 وعندما جاء المتنبي إلى مصر كانت أمورها في يد كافور، فلما مدحه المتنبي ولم يعطه كافور ما كان ينتظره انقلب عليه وهجاه، ورحل عن مصر في يوم وقفة عيد الأضحى سنة 350 هـ متجهًا إلى العراق وفارس بحثًا عن حاكم آخر يمدحه، لذلك استهل قصيدته في هجاء كافور بمخاطبة العيد.
 والقصيدة مليئة بالتعريض بكافور الأخشيدي وبأصله ولونه، وهي تنضح بروح من التعالي على سمر البشرة كانت سائدة في ذلك الوقت، ولو حاكمنا القصيدة بمعايير عصرنا لاعتبرت نموذجًا للعنصرية، كما أن في القصيدة هجوم حاد على مصر وأهلها ووصف لهم بالغفلة.
 ومات المتنبي مقتولًا في معركة بسواد العراق، وهو في طريقه إلى الكوفة، على يد فاتك الأسدي، بسبب إحدى هجائيته، فكان المتنبي قد هجا أحد رجال عصره وهو ضبة بن يزيد الأسدي بقصيدة تعرض فيها لأم ضبة، وكان فاتك هذا خالًا لضبة، ولما حاول المتنبي أن يهرب من المعركة لإحساسه بعدم التكافأ، قال له ابنه: "أتهرب وأنت القائل:
الخيل والليل والبيداء تعرفني   والسيف والرمح والقرطاس والقلم"

 فخجل أن يهرب فقتل، فكان كما قيل شاعر قتله بيت شعر. وكان ذلك في سنة 354هـ.

أعلى النموذ

هناك تعليقان (2):

  1. كل سنة وإنت طيب يا أستاذي أعاد الله العيدعليك و على مصر فى أفضل حال ...... وألف مبروك على الترقي دائماً فى ترقى وعلو إن شاء الله

    ردحذف

أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...