الخميس، 17 مايو 2018

حكيمباشي أطفال ليسانس حقوق!!!


حكيمباشي أطفال ليسانس حقوق!!!
عماد أبو غازي

 وأنا بارتب في أوراق العيلة، لقيت كراسة صغيرة عنوانها: "مذكرة بحياة الطفل" علشان الأهل يكتبوا فيها التطورات الصحية والسلوكية لطفلهم، النوع ده من الكتيبات موجود لغاية دلوقتي، أو على الأقل كان موجود لغاية قريب.

 اللي لفت نظري في الكراسة وصف مؤلفها لنفسه، مكتوب تحت العنوان:
وضع
الدكتور عبد العزيز نظمي بك
الاختصاصي لأمراض الأطفال
حكيمباشي مستشفيات وزارة الأوقاف سابقًا
 كله ده عادي بالنسبة لطبيب أطفال؛ لكن اللي مش عادي المؤهلات بتاعته...
المؤهل الوحيد اللي مكتوب:
"ليسانسيه في الحقوق من كلية باريس"
حائز لنيشان المعارف العمومية من حكومة فرنسا
 بعد كده كاتب عضويته في هيئات طبية أوروبية ودولية، زي الجمعية الدولية لأمراض الأطفال بباريس، واللجنة الدولية لرعاية الأطفال ببروكسيل، وجمعية العلوم الطبية والبيولوجية بمونبيلييه.
 أكيد الدكتور عبد العزيز بك نظمي كان حاصل على مؤهل في الطب، لكن المؤهل الوحيد اللي اهتم يسجله كان ليسانس الحقوق!
 الكراسة فيها أماكن للبيانات الأساسية عن الطفل زي اسمه ومكان ميلاده وتاريخ ميلاده وعنوان الأسرة واسم الوالد ووظيفته، واسم الوالدة، واسم المولدة، ومكان للزق صور الطفل في مراحل مختلفة من عمره.
 وبعدين جداول لتسجيل نمو الطفل، وجداول تانية فيها ملاحظات عامة عن الطفل، والأمراض والحوادث اللي اتعرض لها.

 وبعدين التواريخ المهمة زي مثلًا التطعيمات، وظهور أول سن، وتبديل الأسنان، مشي امتى لوحده أول مرة، وأول كلمة قالها، وكانت إمتى؟ وإمتى ابتدى تعليمه.
 وبعدين جدول برأي الوالدين في أخلاق الطفل وميوله الطبيعية ومدى ذكاؤه.
 بعد كده الكراسة فيها نصايح وإرشادات عامة للأمهات، عن التغذية، والنضافة، والهدوم، والنوم، والرياضة واللعب، وإيه السبب في عياط الطفل والأم المفروض تعمل إيه في الحالة دي.
 وفيه كمان معلومات طبية عامة، ومعلومات عن الإسعافات المنزلية اللي ممكن الأهل يعملوها في حالة الإصابات المفاجأة لغاية لما الدكتور يوصل.



وبعدين مجموعة إرشادات مصورة، للحموم والتنشيف، والطرق الغلط في شيل الأطفال.



في أخر صفحة فيه رجاء من الدكتور نظمي، بيقول فيه:


رجاء
  الرجاء من حضرات الأمهات اللائي تقرأن هذه المذكرة وتجتهدن في اتباع ما بها من الإرشادات أن يتفضلن بإبلاغي عن الاقتراحات والملاحظات التي تبدو لهن حتى يتيسر لي تحقيق رغباتهن – بقدر المستطاع – عند إعادة طبع المذكرة في المستقبل القريب إن شاء الله، ولهن مني وافر الشكر سلفًا
 وإني أكون سعيدًا جدًا لو علمت أن هذه المذكرة الوجيزة عاونت الأمهات على العناية بأطفالهن وحفظ حياة فلذات أكبادهن. وفقنا الله جميعًا إلى صالح الأعمال وحقق لنا الآمال.
الدكتور عبد العزيز نظمي بك
بشارع الشيخ ريحان رقم 42 بمصر

ضهر الغلاف الخلفي عليه قايمة بمؤلفات الدكتور عبد العزيز نظمي، اللي منها اتنين بالفرنساوي، كتاب عن الطب عند الفراعنة واخد عليه شهادة شرف من جامعة مونبيلييه، وكان بيتباع ب 25 قرش، وتقرير عن أمراض الأطفال في مصر، عنوانه رعاية الأطفال بمصر، قدمه في مؤتمر برلين سنة 1911.
 باقي مؤلفاته في الطب والتمريض والتربية وواجبات الطبيب كلها بالعربي وعددها تسعة، وتمنها بين قرشين صاغ و15 قرش، ده غير مجلة اسمها الحكمة كان بيطلعها وتمن مجلد السنة الواحدة عشرين قرش، وكان عامل خصم 20% للمدارس ومجالس المديريات والجمعيات والنقابات.
 رقم تليفون العيادة 449 مصر.


 الكلام ده كله سنة كام؟ سنة 1923، ودي كانت الطبعة الأولى للمذكرة.
 المذكرة كانت خاصة بعمتي نجمة محمود أبو غازي، الغريب في الأمر إني لقيت المذكرة النهارده 17 مايو، اللي يبقى يوم ميلادها، هي إتولدت 17 مايو سنة 1922!!! وكان يوافق 15 رمضان سنة 1340. 


ترتيبها كان التالتة بين أخوتها، كان أبويا بدر الدين أكبر منها بسنتين وتلت تيام، لأنه مولود يوم 14 مايو 1920.

أبويا وعمتي نجمة
وقبلهم كان فيه بنت جدي وجدتي سموها نجمة اتوفت وهي طفلة صغيرة، فجدي وجدتي قرروا يسموا المولدة الجديدة نجمة برضه!

نجمة الأولانية أخر صورة 
 من المذكرة بأعرف عنوان بيت من البيوت اللي عيلة أبويا سكنوا فيها، وواضح إن التنقل من سكن لسكن كان سريع، أبويا اتولد سنة 1920 في شارع يعقوب، وعمتي اتولدت سنة 1922 في 19 شارع الأربعين بجنينة ماميش بالسيدة زينب، العيلة عاشت في السيدة فترة، وبعد وفاة جدي سنة 1926 بشوية عزلوا للمنيل لأنه كان أرخص، وفضلوا هناك لغاية لما أخر واحدة من عمتي اتوفت سنة 2005، وفي الأوراق اللي نقلتها من آخر شقة سكنوا فيها في المنيل، واللي عاشوا فيها من سنة 1934 على الأقل لقيت المذكرة دي.


جدي وجدتي 
جدي وجدتي الاتنين كانوا بيسجلوا البيانات في المذكرة، باعرف أفرق بين خطهم بسهولة، خط جدي مدرس الابتدائي الواضح، وخط جدتي اللي كانت بتعرف تقرا كويس قوي، لكن يدوب بتعرف تكتب.





 من المذكرة بيبان الأمراض اللي أصيبت بيها في طفولتها، نزلة شعبية، وإسهال وقيء، وسقوط الشعر، ودفتريا، وحصبة، ولوز. كمان بيبان أسماء الدكاترة اللي تابعوها: الدكتور سامي كمال والدكتور بدرخان والدكتور الإسريجي، ومرة متابعة من الأم من غير دكتور.
 في التواريخ المهمة مكتوب إن أول كلمة واضحة قالتها كانت بابا وعمرها 8 شهور، وأول سنة طلعت لها كان عمرها عشر شهور، وأول خطوة مشيتها كان عمرها 11 شهر، وإنها اتفطمت في 10 سبتمبر 1923 للمرض والحمل، لأن جدتي كانت حامل للمرة الرابعة، وبعدين دخلت روضة أطفال قصر الدوبارة سنة 1927، وخلصت روضة الأطفال سنة 1930.
 في آراء الوالدين في أخلاقها كتبوا وهي عندها سنة كانت تميل... وما كملوش تميل لإيه!!!


جدي وأبويا واتنين من عماتي
 ده نموذج من حياة أسرة مدينية متوسطة من أصول ريفية في العشرينيات من القرن اللي فات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...