السبت، 22 نوفمبر 2014


ده البحث اللي قدمته امبارح في ندوة مركز البحوث العربية والأفريقية، وكان عنوان الندوة "مجلة الفكر الجديد والثقافة الوطنية...

زمن الفجر الجديد 

"نحن نقول الحقيقة لكننا لا نستطيع أن نقولها كاملة"


أهدي هذا البحث إلى الحفيدة يارا سلام ورفيقاتها ورفاقها في السجون، إلى الحلم بفجر جديد طال انتظاره

 

عماد أبو غازي
  في 16 مايو 1945 صدر العدد الأول من "الفجر الجديد"، وكما يقول الدكتور عاصم الدسوقي بحق في تقديمه للإصدار الثاني للمجلة الذي نحتفي به اليوم: "أصبحت الفجر الجديد اسمًا على مسمى، بل إن اختيار الاسم يعد لمحة عبقرية للتعبير عن أهداف التحرير، حيث لم يكتف صاحب الفكرة باسم "الفجر" فقط ولكن حدده بالجديد، أي الفجر غير التقليدي الذي يبدأ به اليوم على مدى الزمن. والحال كذلك كان من الطبيعي أن تستقطب المجلة كل من يحلم بفجر جديد، وكل من يسعى لتحقيق العدالة والمساواة للمصريين دون تفرقة من أي نوع، فأصبحت بكتابها ومحرريها أحد فصائل اليسار المصري."


 أحمد رشدي صالح
وقد استمر صدور المجلة حتى يوليو 1946، عندما صدر العدد الأخير يوم 10 يوليو 1946، في نفس اليوم الذي شن فيه إسماعيل صدقي باشا حملته الأمنية ضد القوى الوطنية والديمقراطية والشيوعية، خلال أربعة عشر شهرًا صدر من المجلة اثنا وأربعون عددًا، وكان صاحب ترخيصها أحمد رشدي صالح الذي كان منضمًا إلى خلية من المثقفين الماركسيين تضم إلى جانبه كل من صادق سعد وريمون دويك. وكان صادق سعد المسوؤل السياسي للمجموعة التي لم يكن لها اسم والتي أشرفت على إصدار الفجر الجديد والضمير، ثم تحولت إلى تنظيم شيوعي عرف باسم "الطليعة الشعبية للتحرر" ثم تغير اسمها إلى "طليعة العمال"، ثم "حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري" سنة 1957.

 وكما يقول أحمد صادق سعد في كتابه "صفحات من اليسار المصري": "رغم أن هيئة تحرير مجلة الفجر الجديد ظهرت كمجموعة مستقلة من المثقفين، إلا أن الحقيقة أن وراءها حلقة ماركسية صغيرة لا تشرف عليها فحسب، بل على نشاطات علنية وسرية أخرى خاصة في بعض الأوساط العمالية".

 
 صادق سعد
 ووفقا لنفس المصدر فإن أصول الحلقة ترجع إلى مجموعة من أعضاء الحزب الشيوعي المصري الأول الذي تأسس في العشرينيات وتم حله واعتقال قادته سنة 1924؛ حيث استطاعوا المحافظة على ترابطهم الفكري والتنظيمي بعد حل الحزب، واتصل أعضاء الحلقة الجديدة ببعض كتابات هذه المجموعة من الشيوعيين القدامى، وبدأت الحلقة الماركسية التي ضمت خليطًا من المصريين والأجانب المقيمين في مصر نشاطها في النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي، وجمع نشاطهم بين النشاط التثقيفي والعمل الجماهيري الذي بدأ من خلال "جماعة أنصار السلام"، وقد تركز عملها على النضال ضد تصاعد خطر الفاشية في العالم.
 وقد شهدت المجموعة خلافات سياسية أدت إلى خروج مجموعتين صغيرتين: المجموعة التروتسكية، ثم بعض العناصر اليهودية المؤيدة للحركة الصهيونية.
 ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939 لم يعد هناك معنى لاستمرار "جماعة أنصار السلام"، فتقرر حلها، وشكل معظم أعضائها جمعية جديدة حملت اسم "جماعة البحوث"، وفي نفس الوقت استمر النشاط التثقيفي للحلقة الماركسية التي كانت تسعى إلى استخدام الماركسية كأداة لتحليل الواقع المصري، والخروج برؤية سياسية تعبر عن فكر ماركسي مصري.

يوسف درويش
 وفي عام 1940 تشكلت خلية من ثلاثة من المصريين هم أحمد صادق سعد ويوسف درويش وريمون دويك لقيادة العمل في وسط الجماهير بعيدًا عن مجموعة الأجانب، الذين سرعان ما اضطر أغلبهم لمغادرة مصر مع دخول جيوش المحور إلى مصر عبر حدودها الغربية، وانخرطوا مع اتساع رقعة الحرب العالمية في نشاط الأحزاب الشيوعية في بلدانهم، بينما نشطت المجموعة المصرية، وأسست مع أخرين مجموعة من الكيانات الثقافية والبحثية، مثل: "لجنة نشر الثقافة الحديثة" و"دار القرن العشرين"، كما نجحوا في شراء حق استخدام عدد كل أسبوعين من مجلة محدودة الانتشار تحمل اسم الأسبوع.
 ومع عودة الأعضاء الأجانب قبل نهاية الحرب اتفق الجميع على انفصال الأعضاء المصريين في الحلقة، وشكل المصريون خليتين الأولى تعمل في وسط المثقفين وتضم صادق سعد وريمون دويك وأحمد رشدي صالح، والثانية تعمل في صفوف العمال وتضم يوسف درويش ويوسف المدرك ومحمود العسكري.
 وقد شهدت فترة الحرب العالمية الثانية تدفق الكتب الماركسية على مصر بعد انضمام الاتحاد السوفيتي إلى الحلفاء ودخوله الحرب ضد المحور، وما استتبعه ذلك من اعتراف الحكومة المصرية بالدولة السوفيتية، وقد ساعد السماح بدخول الكتب الماركسية على انتشار الفكر الاشتراكي بين قطاعات من الشباب.
 وفي ذلك الوقت قرر بعض أعضاء "لجنة نشر الثقافة الحديثة" استبعاد الأعضاء اليهود من اللجنة، وفي نفس الوقت كان أحمد رشدي صالح قد نجح في الحصول على رخصة مجلة الفجر الجديد التي بدأت نصف شهرية ثم تحولت إلى أسبوعية، فأصبحت الفجر الجديد منبرًا لهذه الحلقة الماركسية، وكما يقول صادق سعد "من ميزات الفجر الجديد أنها لم تكن مجلة فقط، بل مركزًا للجذب، فقد اهتمت بنشر رسائل القراء والاتصال بهم، خاصة في غير القاهرة، ودعتهم إلى تشكيل جماعات أصدقاء الفجر الجديد."
صدقي باشا
 وعندما أغلق صدقي باشا الفجر الجديد وحل جماعة أصدقائها في حملته الواسعة، التي عرفت بقضية الشيوعية الكبرى، رأت الحلقة الماركسية أن الوقت قد حان لتشكيل تنظيم سري، واتخذت المنظمة في البداية اسم "الطليعة الشعبية للتحرر"، ثم تغير الاسم إلى "طليعة العمال"، ثم في عام 1957 حملت اسم "حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري"؛ فلم يتوقف نضال المجموعة بتوقف "الفجر الجديد" بل حتى بعد أن تفرقت بهم السبل واختلفت مواقفهم السياسية بل وتباينت في بعض الأحيان، ظلوا من مواقع مختلفة فاعلين في الواقع السياسي والثقافي المصري.

*****
 إذًا فقد بدأ صدور مجلة الفجر الجديد في الأشهر الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، واستمرت على مدار أربعة عشر شهرًا شهدت حراكًا سياسيًا واسعًا في مصر، وتغيرات مهمة في المحيط الأقليمي، وعلى الساحة الدولية. وكما يقول صادق سعد: "تناضل مصر ضد الاستعمار الأوروبي منذ فترة طويلة، وخاصة بعد أن احتلتها القوات الإنجليزية عام 1882، غير أن هناك فوارق شديدة بين ظروف الحركة الوطنية وخصائصها وبرنامجها وقيادتها قبل الحرب العالمية الثانية، وبينها بعد هذه الحرب وحتى هزيمة يونيو 1967."

 
 فمثلما تفجرت ثورة 1919 مع نهاية الحرب العالمية الأولى أعقب نهاية الحرب العالمية الثانية تصاعدًا في مطالبة الإنجليز بالجلاء التام عن البلاد، ومنح الاستقلال الكامل لمصر والسودان، وكانت فترة الحرب العالمية الثانية قد شهدت تحولات في الخريطة السياسية للأحزاب المصرية، فقد شهد حزب الوفد، حزب الأغلبية الذي يحظى بتأييد شعبي حقيقي، انقسامات جديدة مؤثرة بانشقاق مكرم عبيد باشا وتأسيسه لحزب الكتلة الوفدية، بعد أن كان ماهر والنقراشي قد انشقا وشكلا الحزب السعدي، كما عاش  حزب الوفد استقطابًا داخليًا حادًا بين الجناح المحافظ الذي يعبر عن مصالح كبار الملاك، والجناح الداعي إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية، والذي سمي تيار الطليعة الوفدية، وكان يضم كثيرًا من الطلبة الوفديين، ويقوده مفكرين ومثقفين من ذوي الميول اليسارية مثل الدكتور محمد مندور. وفي نفس الوقت تصاعد نفوذ الأحزاب والحركات الجديدة التي تستند إلى مرجعيات دينية أو فكرية، مثل: حركة الأخوان المسلمين ومصر الفتاة ذات الميول الفاشية، التي تسمت فيما بعد باسم الحزب الاشتراكي، كذلك شهدت فترة الحرب تأسيس مجموعة من التنظيمات الشيوعية من أبرزها الشرارة (أيسكرا) والحركة المصرية للتحرر الوطني ومجموعة التروتسكيين إلى جانب تلك الحلقة التي وقفت وراء إصدار الفجر الجديد، وأصبح لهذه القوى الجديدة مع الطليعة الوفدية النفوذ الأكبر في وسط الحركة السياسية للطلاب.
 كما شهدت تلك السنوات انتشار جرائم الاغتيالات السياسية والعمليات الإرهابية، والتي كان النصيب الأكبر فيها للجهاز السري لجماعة الإخوان المسلمين، وإن قام ببعضها مجموعات صغيرة من الشباب المتحمس. ولم تكن هذه العمليات موجهة ضد قوات الاحتلال أو المتعاملين معه، بل طالت المختلفين سياسيًا، كما طالت أماكن لتجمع المواطنين.

 أحمد باشا ماهر
 في هذه الأجواء بدأت الحكومة المصرية التي كان يرأسها محمود فهمي النقراشي باشا في اتخاذ خطوات نحو العودة بالبلاد للأوضاع الطبيعية، فأُلغيت الرقابة على الصحف وأُبيحت الاجتماعات العامة ومُنع الاعتقال في يونيو 1945، وفي أكتوبر ألغيت الأحكام العرفية تمامًا، رغم أن هذه الحكومة تولت الحكم عقب جريمة الاغتيال التي ارتكبها إرهابي شاب يدعى محمود العيسوي، راح ضحيتها رئيس  الوزراء الدكتور أحمد ماهر، يوم 24 فبراير 1945، وقد وقعت الجريمة بالبهو الفرعوني بالبرلمان عندما كان ماهر باشا متوجهًا من قاعة مجلس النواب إلى قاعة مجلس الشيوخ، وقد برر الإرهابي جريمته بأنها رد على قرار إعلان الحرب على ألمانيا! وكانت مصر قد وقفت على الحياد رسميًا طوال سنوات الحرب، رغم أنها قدمت دعمًا كاملًا لقوات الحلفاء، ورغم أن بعضًا من أهم معارك الحرب دارت على أرضنا، وقد رأى أحمد ماهر وقتها محقًا أن إعلان الحرب في مصلحة مصر حيث يتيح لها أن تكون من بين الدول المؤسسة للأمم المتحدة.
  وفي يوم 22 سبتمبر 1945 أصدرت "الهيئة السياسية" بيانًا طالبت فيه بالجلاء ووحدة وادي النيل، وكان أحمد ماهر قد شكل تلك الهيئة عقب توليه رئاسة الوزرة للاسترشاد بها في الأمور المهمة، وكانت تتشكل من عدد من زعماء الأحزاب والساسة المستقلين، وقد جاء في البيان: "ترى الهيئة السياسية بإجماع الآراء أن حقوق مصر الوطنية كما أجمع عليها رأي الأمة وأعلنتها الحكومة هي جلاء القوات البريطانية وتحقيق مشيئة أهل وادي النيل في وحدة مصر والسودان، كما ترى الهيئة أن الوقت الحاضر هو أنسب الأوقات للعمل على تحقي أهداف البلاد القومية واتخاذ الوسائل لمفاوضة الحليفة للاتفاق على هذه الأسس، وترى الهيئة أن قيام التحالف على هذه الأسس يزيد ما بين البلدين من علاقات الصداقة والتعاون توثقًا ومتانة".

النقراشي
 وفي اليوم التالي تبنت حكومة النقراشي بيان "الهيئة السياسية"، ورغم هدوء صيغة البيان وتأكيده على التحالف مع بريطانيا إلا أنه لم يلق استجابة من الجانب البريطاني، وبعد ثلاثة أشهر تقريبًا، في أواخر ديسمبر 1945، سلم سفير مصر لدى بريطانيا عبد الفتاح عمرو، مذكرة إلى الخارجية البريطانية تطالب الحكومة البريطانية بالدخول في مفاوضات مع الحكومة المصرية لإعادة النظر في معاهدة 1936، التي كانت تحكم العلاقة بين البلدين، وتسمح بوجود قوات بريطانية وقواعد على أرض مصر.
 وبعد أكثر من شهر جاء الرد البريطاني سلبيًا في 26 يناير 1946، كان الرد يؤكد على صلاحية معاهدة 36 للاستمرار، مع مماطلة واضحة في إمكانية تعديل بعض شروطها.
 وكان هذا الرد كفيلًا بتفجير الغضب الشعبي ضد الوجود البريطاني في مصر والسودان، وجاءت الشرارة من الجامعة، فقد كان النشاط السياسي للوفديين خاصة المنتمين لتيار الطليعة الوفدية وكذلك للشيوعيين والمتعاطفين معهم في صفوف الطلاب متصاعدًا منذ بداية العام الدراسي في خريف 1945، وكانت الدعاية الوطنية الممتزجة بالقضايا الاجتماعية الاقتصادية محورًا لهذا النشاط.

لطيفة الزيات
 وكان الطلاب قد شكلوا لجنة لتنظيم حركتهم وقيادتها سميت باسم اللجنة الوطنية العليا للطلاب، وكان من أبرز قادتها لطيفة الزيات الطالبة بكلية الآداب والكاتبة الروائية والناقدة والأستاذة الجامعية فيما بعد، ومصطفى موسى الطالب بكلية الهندسة وكان ينتمي لتيار الطليعة الوفدية وقد غادر مصر في الحقبة الناصرية وعمل بالجزائر، وعصام الدين جلال الطالب بكلية الطب والذي أصبح فيما بعد من الناشطين البارزين في حركة باجواش للعلماء من أجل السلام، وقد نشرت دار الهلال منذ سنوات مذكرات الدكتور عصام الدين جلال التي خصص جزء مهم منها لأحداث فبراير 1946، وفؤاد محيي الدين الطالب بكلية الطب أيضًا والذي أصبح رئيسًا لوزراء مصر في أوائل الثمانينيات.
 خلال الأسبوعين التاليين للرد البريطاني السلبي تصاعدت حركة الاحتجاج وسط طلاب الجامعة، ووصلت الأمور إلى ذروتها يوم السبت 9 فبراير 1946 عندما خرج الطلاب في مظاهرات حاشدة من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) قاصدين قصر عابدين مقر الملك وهم يهتفون للجلاء، وعند كوبري عباس (الجيزة حاليًا) تصدت قوات الأمن للمظاهرة لمنعها من العبور إلى القاهرة. وكان كوبري عباس من الكباري التي تفتح لمرور المراكب، وهنا تختلف الروايات للواقعة، فهناك رواية شائعة تؤكد أن الشرطة فتحت الكوبري عندما بدأ الطلاب في العبور عليه لتوقف المظاهرة، بينما يروى المؤرخ عبد الرحمن الرافعي القصة بشكل مختلف حيث يؤكد أن الكوبري كان مفتوحًا بالفعل لمرور المراكب، فنزل بعض الطلاب إلى النيل واستقلوا القوارب ليصلوا إلى العوامة التي تتحكم في فتح الكوبري ليغلقوه وتعبر المظاهرة من فوقه.
 وأي كانت الحقيقة فإن فتح الكوبري في هذا الوقت من النهار لم يكن أمرًا طبيعيًا فمواعيد فتح الكباري المعتادة تكون في ساعات الليل المتأخرة أو عند الفجر أو قبيل المغرب، ولا تفتح في وسط النهار، فبغض النظر عما إذا كان البوليس قد فتح الكوبري أثناء مرور الطلاب، أو أن الكوبري كان مفتوحًا عند وصولهم إليه، فإن الغرض في الحالتين كان منع المظاهرة من الوصول إلى هدفها أي قصر عابدين.
 الأمر الثاني أن القصة الشائعة التي نرددها دائمًا تتحدث عن شهداء كوبري عباس الذين سقطوا في النيل جرأ فتح الكوبري على المظاهرة، لكن الحقيقة أنه لم يسقط شهيد واحد في مظاهرة كوبري عباس يوم 9 فبراير 1946 وأن الوحيد الذي استشهد في مظاهرات جامعة فؤاد الأول يوم 9 فبراير الطالب محمد علي محمد من طلبة كلية التجارة أمام باب الجامعة نتيجة سقوطه تحت سيارة أمام الجامعة أثناء خروج المظاهرة، لكن عدد الجرحى في المظاهرات بسبب استخدام البوليس للقوة المفرطة والعنف في التصدي للمظاهرات بلغ 84 مصابًا، بعضهم كانت إصاباتهم بليغة، كما سقط ثلاثة شهداء في الإسكندرية، وثلاثة آخرين في الزقازيق، وشهيد واحد في المنصورة، وكانت المظاهرات قد عمت عديد من المدن المصرية يومي 9 و10 فبراير 1946.
 ولأن النقراشي باشا كان سياسيًا يحترم تاريخه الوطني ويحترم شعبه، ولأن مصر كانت تعيش في ظل نظام دستوري يتمتع فيه الشعب بحريات سياسية واسعة رغم وجود الاحتلال والسرايا، فقد قرر الرجل أن يتحمل مسئولية ما ارتكبه رجال البوليس التابعين له فقدم استقالة وزارته في 15 فبراير قبل أن ينقضي الأسبوع.
 
 
 ولم يؤد القمع البوليسي لمظاهرات الجامعة يومي 9 و10 فبراير 1946 إلى توقف الحركة الطلابية، بل على العكس أدى إلى التفاف شعبي جارف حولها، وتشكلت "اللجنة الوطنية للعمال والطلبة" لتقود الحركة الجماهيرية الصاعدة، قالت عنها الفجر الجديد: "ليكن اتحاد الطلبة والعمال بداية اتحاد المثقفين بالطبقات الشعبية"، وكانت هذه اللجنة تشكل تحالفًا يضم عناصر من الشيوعيين والوفديين وغيرهم من القوى الوطنية الديمقراطية، وأصدرت اللجنة ميثاقًا وطنيًا حددت فيه أهداف الشعب وعلى رأسها الجلاء التام عن مصر والسودان، ودعت اللجنة إلى إضراب عام في البلاد كلها وحددت له يوم 21 فبراير 1946، وأسمته يوم الجلاء، وبدأت الدعوة له، وابتكرت الحركة أساليب جديدة في الدعاية، فتم تصميم شارات معدنية طليت بالمينا عليها عبارات تدعو للجلاء ووحدة وادي النيل، مع بعض الرسوم المعبرة عن الكفاح الوطني، وكان المصريون رجالًا ونساء يعلقون تلك الشارات الصغيرة على صدورهم.
 وكانت حكومة إسماعيل صدقي باشا التي حلت محل حكومة النقراشي قد قررت عدم منع المظاهرات أو التصدي لها، بل إن صدقي استقبل وفدا من قادة الحركة وفقا لروايات كل من فوزي جرجس في كتابه: "دراسات في تاريخ مصر السياسي والاجتماعي" والدكتور عصام الدين جلال في مذكراته.

 
عصام الدين جلال
 وفي يوم الخميس 21 فبراير 1946 أضربت مصر كلها وخرجت المظاهرات تطوف شوارع المدن المصرية، وفي القاهرة خرجت مظاهرة غير مسبوقة من حيث عدد المشاركين فيها ومن حيث تنظيمها، وطافت المظاهرة شوارع وسط القاهرة دون أن تتعرض لها قوات البوليس بناء على تعليمات رئيس الوزراء، وكانت المظاهرة الوحيدة التي تصدى لها البوليس المصري، مظاهرة مدينة المنصورة التي استشهد فيها طالب ثانوي.

 وفي مظاهرة القاهرة صارت الأمور بسلام، لكن ما أن وصلت المظاهرة إلى ميدان الإسماعيلية (التحرير حاليًا) حيث كانت ثكنات الجيش البريطاني في موضع جامعة الدول العربية وفندق النيل حاليًا، حتى اقتحمت السيارات العسكرية البريطانية المظاهرة، فدهست من دهست وأطلق الجنود النار على من أطلقوا، فسقط في المظاهرة 23 شهيدًا و121 جريحًا.
 وقد تصادف أن شهدت عدد من المستعمرات البريطانية مظاهرات في نفس اليوم، من هنا اتخذ هذا اليوم يوما عالميًا لنضال الطلاب ضد الاستعمار وليس يومًا للطالب العالمي كما يتردد كثيرًا، فيوم الطالب العالمي مرتبط بمناسبة أخرى هي اقتحام النازيين في ألمانيا لإحدى جامعاتها، واليوم يقع في شهر نوفمبر.
 أثار العدد الكبير من الشهداء الذين سقطوا في 21 فبراير سخط المصريين بجميع طوائفهم وأحزابهم، وأدان مجلسا النواب والشيوخ جريمة قوات الاحتلال ووقف الأعضاء حدادًا على أرواح الضحايا في جلستيهما يوم 25 فبراير، كما اتفقت اللجنة الوطنية مع باقي القوى السياسية والجماعات على إعلان يوم 4 مارس يومًا للحداد الوطني، تغلق فيه المدارس والجامعات والمحال التجارية والمقاهي والأماكن العامة وتسير فيه المظاهرات في الشوارع، ومرت المظاهرات في جميع المدن المصرية بسلام ما عدا مظاهرات مدينة الإسكندرية التي اشتبك فيها الجنود البريطانيين مع المتظاهرين أمام كشك البوليس الحربي البريطاني بميدان سعد زغلول، وسقط 28 شهيدًا و 342 جريحًا من بين المتظاهرين مقابل جنديين بريطانيين وجرح أربعة. وسمي اليوم يوم الشهداء، وشارع أفيروف الذي سقط فيه معظم الضحايا شارع الشهداء.
 رغم أن المظاهرات لم تسفر عن إنهاء الاحتلال البريطاني لمصر إلا أنها أرغمت بريطانيا على سحب قواتها من المدن المصرية ما عدا منطقة قناة السويس، وبدأ الانسحاب في 4 يوليو بالجلاء عن القلعة وتسليمها للجيش المصري، وعلى صعيد آخر حظي صدقي باشا بدعم من أحزاب الأقلية وجماعة الإخوان المسلمين ـ المعادية للشعب دائمًا والتي تتحالف مع كل طاغية حتى تتمكن ثم تنقلب عليه وقد تقتله ـ وكان هذا من خلال اللجنة القومية التي شكلوها في مواجهة اللجنة الوطنية للعمال والطلبة، وكان الرجل يمهد سرًا للمفاوضات مع بريطانيا، ولما كان مشروعه للاستقلال ليس إلا استقلالًا منقوصًا يسمح لبريطانيا بالاحتفاظ بقواعدها في مصر وبسيطرتها على البلاد، فقد شن صدقي أكبر حملة اعتقالات عرفتها مصر في الحقبة الليبرالية في يوم 10 يوليو 1946 عشية احتفال القوى الوطنية بذكرى الاحتلال البريطاني لمصر، وقد عرفت هذه الحملة بقضية الشيوعية الكبرى واعتقل فيها العشرات من القيادات الطلابية والعمالية وعشرات من الكتاب والصحفيين، وكان الكثيرين منهم بعيدين تمامًا عن الشيوعية، مثل المفكر الكبير سلامة موسى والكاتب الصحفي محمد زكي عبد القادر، وفي هذه الحملة أغلقت عدة صحف ومجلات ودور نشر وطنية، وكان واضحا أن هدف تلك الحملة التي انتهت إلى لا شيء تمرير ما يصل إليه صدقي من اتفاقات مع الإنجليز، وبالفعل توصل صدقي في أكتوبر 46 إلى التوقيع بالأحرف الأولى على مشروع معاهدة مع وزير خارجية بريطانيا بيفين، عرفت باسم اتفاقية صدقي ـ بيفن، إلا أن الشعب رفض الاتفاقية، بل إن سبعة من أعضاء وفد المفاوضات أعلنوا رفضهم لها لما فيها من انتقاص لحقوق مصر، وسقطت الاتفاقية ومعها سقطت حكومة صدقي في ديسمبر 46، والغريب في الأمر أن تلك الاتفاقية المرفوضة شعبيًا لا تختلف كثيرًا عن اتفاقية الجلاء التي وقعها عبد الناصر مع الإنجليز سنة 54 بعد عامين من انقلابه العسكري، لكن عبد الناصر كان قد مهد الطريق لتوقيع الاتفاقية دون معارضة تذكر بتصفيته للحياة الحزبية والديمقراطية في مصر مستعينًا بالإخوان أيضًا، الذين انقلبوا عليه بعدها بأسابيع وحاولوا اغتياله في ميدان المنشية بالإسكندرية. 
 وبين إسقاط اتفاقية صدقي بيفن سنة 1946 وتوقيع اتفاقية الجلاء سنة 1954 جرت في النهر مياه كثيرة.
 كانت السنوات السبع ما بين سقوط حكومة إسماعيل باشا صدقي بسبب الرفض الشعبي للاتفاقية التي وقعها بالأحرف الأولى مع أرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا وتوقيع اتفاقية الجلاء سنة 1954 سنوات ساخنة مليئة بالحراك السياسي، فقضية الجلاء ووحدة وادي النيل (مصر والسودان) تتصدر الواجهة، وتشكل ركنًا محوريًا في الدعاية السياسية لكل الأحزاب والجماعات والتيارات السياسية، سواء تلك الأحزاب التقليدية التي ظهرت خلال النضال ضد المستعمر منذ بدايات القرن العشرين مثل الحزب الوطني، أو تلك التي ظهرت عقب ثورة 1919 وخرجت جميعها من عباءة الوفد المصري، بل حتى القوى السياسية التي تستند إلى منطلقات أيديولوجيا احتلت القضية الوطنية مكان الصادرة في دعايتها، وقد كان هذا أمرًا طبيعيًا في حركة استلهمت الفاشية والنازية مثل مصر الفتاة، لكن الأمر امتد كذلك إلى التنظيمات الشيوعية التي شغلت القضية الوطنية حيزًا كبيرًا من نشاطها ودعايتها السياسية رغم احتدام قضايا الطبقة العاملة والفلاحين في تلك الحقبة، وشمل الأمر أيضًا جماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في مواجهة الحركة الوطنية، وظهرت أول ما ظهرت في مدينة الإسماعيلية في أحضان شركة قناة السويس، وظلت لسنوات تساند الملك في مواجهة الوفد الذي كان يقود الحركة الوطنية.
 وكان طبيعيًا أن ينعكس هذا الوضع على الحركة الطلابية التي كانت تشكل ساحة الحراك السياسي الرئيسي في المجتمع، خاصة وأن جميع الأحزاب والتيارات السياسية كان لها وجودها الفاعل في صفوف الطلاب من خلال تشكيلات حزبية في الجامعات المصرية وفي معاهد الدراسة عمومًا، وقد كان هذا أمرًا مقبولًا ومستقًرا في ظل نظام التعددية الحزبية الذي عاشته مصر قبل انقلاب يوليو 1952، بل أن الأجنحة الطلابية للأحزاب كانت تفرض على القيادات الحزبية المواقف التي ينبغي أن تتخذها، ولعل انتفاضة 1935 الطلابية والتي تعرف بثورة الشباب خير مثال على قدرة الحركة الطلابية على فرض إرادتها على القيادات السياسية، وقد انتهت الانتفاضة بتشكيل جبهة وطنية من الأحزاب أسقطت دستور 1930 الذي انتهك به إسماعيل باشا صدقي الحقوق والحريات العامة وأعادت دستور الأمة ـ دستور 1923 وخاضت المفاوضات مع بريطانيا، وكانت هذه الأجنحة الطلابية مدارس لتخريج الكوادر السياسية الحزبية.
 لقد ارتبطت الحركة الطلابية منذ ميلادها في بدايات القرن العشرين بالنضال من أجل الاستقلال الوطني، فكانت القضية الوطنية دومًا عصب النضال الطلابي في مصر واستمرت المحرك الأساسي للطلاب لعقود طويلة، من هنا فقد كان من الطبيعي أن يشتعل الجدل في صفوف الطلاب وتموج الجامعات المصرية بالحركة عقب سقوط مشروع اتفاقية صدقي بيفن وسقوط حكومة صدقي نفسها، خاصة وأن رئيس الوزراء الجديد كان له تاريخ قريب من الصدام مع الطلاب، فقد تولى الوزارة مرة أخرى محمود فهمي النقراشي باشا الذي شكل وزارة ضمت السعديين والأحرار الدستوريين فامتلكت بذلك الأغلبية البرلمانية،  وكان طرح القضية الوطنية في أوساط الحركة الطلابية المصرية أكثر سخونة وأكثر راديكالية حتى بين المجموعات الطلابية المنتمية للإتلاف الحاكم.
 وكان يوم 19 يناير 1947 مناسبة لتجديد النضال الطلابي فاليوم يوافق ذكرى توقيع اتفاقية السودان سنة 1899، وهي الاتفاقية التي أعطت حق حكم السودان واعتبرها المصريون دومًا اتفاقية باطلة، وقد قررت الأحزاب والقوى السياسية اعتبار ذلك اليوم يومًا للحداد الوطني، وكانت ضغوط الحركة الطلابية على الحكومة من أجل اتخاذ موقف تجاه التعنت البريطاني يتزايد يومًا بعد يوم.
 هذا رغم أن الأشهر الأولى لوزارة النقراشي شهدت جلاء الإنجليز عن المعسكرات والثكنات العسكرية التي كانوا يشغلونها في القاهرة والجيزة والإسكندرية وأخرها ثكنات قصر النيل التي غادروها في 29 مارس 1947 ورفع الملك فاروق العلم المصري عليها في احتفال كبير يوم 31 مارس أعقبه بإيفاد مندوبين عنه لوضع الزهور على ضريح مصطفى كامل وضريح سعد زغلول والنصب التذكاري لشهداء الجامعة في إشارة واضحة لأهمية الحركة الطلابية المصرية، وفي محاولة من الملك للتقرب إلى الحركة الوطنية المتصاعدة، تلك الحركة التي لم يكن يكفيها الجلاء عن هذا المعسكر أو ذاك، ولم تكن لترضى بأقل من الجلاء التام ووحدة وادي النيل.
 وكما يقول الدكتور عاصم محروس عبد المطلب في كتابه "الطلبة والحركة الوطنية في مصر من 1922 إلى 1952"، كان هناك طريقان لحل القضية المصرية سلمًا، إما تدويل القضية بعرضها على مجلس الأمن أو تسليم الحكم للوفد الحزب الأكثر ارتباطًا بالجماهير ليخوض مفاوضات يمكن أن يقبل الناس نتيجتها، أما النقراشي باشا فقد اختار منذ البداية طريق تدويل القضية الذي كان مطلبًا شعبيًا تجمع عليه معظم القوى الوطنية، ففي 25 يناير 1947 قرر مجلس الوزراء وقف المفاوضات مع الإنجليز وعرض قضية الجلاء عن وادي النيل على مجلس الأمن، وأبلغ النقراشي باشا القرار لمجلسي الشيوخ والنواب في بيان ألقاه في جلسة مشتركة للمجلسين عقدت يوم 27 يناير 1947.
 هذا وقد شهدت سنوات ما بعد الحرب تغييرًا كبيرًا في موازين القوى الدولية انعكس على الوضع السياسي المصري، فمن ناحية سقطت النازية والفاشية والعسكرية الاستبدادية في ألمانيا وإيطاليا واليابان، واتجهت التنظيمات التي تأثرت بأفكارها في مصر إلى محاولة تغيير واجهاتها، فتحولت مصر الفتاة إلى الحزب الاشتراكي.
 ومن ناحية أخرى شهدت تلك السنوات صعود الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، والاعتراف المصري بالاتحاد السوفيتي، وقد شكل هذا الصعود والانتصارات التي حققها الاتحاد السوفيتي على النازية، والدور الذي لعبته الأحزاب الشيوعية والاشتراكية الديمقراطية في أوروبا في التصدي للنازية وهزيمتها دعمًا معنويًا للحركة الشيوعية المصرية.
 ومن ناحية ثالثة خرجت القوى الاستعمارية القديمة من الحرب وعلى رأسها فرنسا وبريطانيا خائرة القوى، وبدأت قيادة المعسكر الاستعماري تنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت تتبع أسلوبًا مغايرًا لأسلوب القوى الاستعمارية التقليدية، وبدأ التوغل الأمريكي في ساحة السياسة المصرية من خلال دور صحفية جديدة، وضعت نصب عينيها الترويج للنموذج الأمريكي من ناحية، وتشويه الحركة الشيوعية والقيادة التاريخية لحزب الوفد من ناحية أخرى.
 كما شهدت تلك السنوات صعود حركات التحرر الوطني ضد القوى الاستعمارية في أنحاء مختلفة من العالم، ولعب الشيوعيون دورًا مهمًا في التعريف بحركات التحرر، والربط بين نضال الشعوب ضد الاستعمار.
 وعلى الصعيد العربي احتمدت القضية الفلسطينية في هذه السنوات وبدأت تتحول إلى هم من هموم المصريين، وظهرت دعاوى القومية العربية تدريجيًا، كما تأسست جامعة الدول العربية، وأصبحت القضايا العربية حاضرة على الساحة السياسية المصرية.

 لقد كانت تلك السنوات سنوات للتغيير، مصريًا وعربيًا ودوليًا، لقد بدأ بنهاية الحرب العالمية الثانية زمن جديد، كان زمن "الفجر الجديد"، الفجر الجديد المنتظر الذي لم يأت بعد.

_______________________________________________

المصادر والمراجع:

  • أحمد صادق سعد: صفحات من اليسار المصري في أعقاب الحرب العالمية الثانية 1945 ـ 1946، تقديم: عبد العظيم رمضان، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1976.
  • أحمد عبد الله: الطلبة والسياسة في مصر، ترجمة: إكرام يوسف، المركز القومي للترجمة، القاهرة، 2007.
  • إسماعيل محمد زين الدين: الطليعة الوفدية والحركة الوطنية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1991.
  • رفعت السعيد: تاريخ الحركة الشيوعية 1940 ـ 1950، ط 2، شركة الأمل للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1988.
  • رفعت السعيد: منظمات اليسار المصري 1951 ـ 1957، دار الثقافة الجديدة، القاهرة، 1987.
  • طارق البشري: الحركة السياسية في مصر 1945/1953، طبعة ثانية جديدة، دار الشروق، القاهرة، 2002.
  • عاصم محروس عبد المطلب: الطلبة والحركة الوطنية في مصر من 1922 إلى 1952، دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة، 2007.
  • عبد الرحمن الرافعي: في أعقاب الثورة المصرية ـ ثورة 1919، ج3، الطبعة الثانية، دار المعارف، القاهرة، 1989.
  • عصام الدين جلال: في دروب الوطنية، مؤسسة دار الهلال، القاهرة، 2005.
  • فوزي جرجس: دراسات في تاريخ مصر السياسي منذ العصر المملوكي، مطبعة الدار المصرية للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة ، 1958.
  • محمد زكي عبد القادر: محنة الدستور 1923 ـ 1952، الطبعة الثانية، مكتبة مدبولي، القاهرة، 1973.
  • مركز البحوث العربية والأفريقية: الفجر الجديد مجلة التحرر القومي والفكري، تقديم: عاصم الدسوقي، إعداد وتصنيف: حنان رمضان، مجلدين، إعادة نشر، مركز البحوث العربية والأفريقية، القاهرة، 2010.

هناك تعليق واحد:

  1. بارك الله فيك يا أستاذي الجليل أذداد من علمك دائماً

    ردحذف

أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...