الخميس، 13 نوفمبر 2014


ميلاد الوفد المصري

عماد أبو غازي

 مع مغيب شمس يوم 13 نوفمبر 1918 كانت مصر جديدة قد ولدت، لذلك استحق اليوم أن تحتفل به مصر كلها باعتباره يوما للجهاد الوطني، يوم توجه نواب الأمة، سعد ورفيقيه عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي، لدار المندوب السامي البريطاني مطالبين باستقلال البلاد، يوم سعت الحكومة برئاسة حسين باشا رشدي من أجل تشكيل وفد رسمي يتجه إلى لندن للبحث في إجراءات الاستقلال، كانت الأمة كلها "على قلب رجل واحد" كما يقولون، كان التنسيق تامًا بين سعد ورفاقه من ناحية ورئيس الوزراء رشدي باشا ووزير المعارف في حكومته عدلي باشا يكن من ناحية أخرى، كان كل طرف يبلغ الطرف الآخر بما يقوم به أولًا بأول، كان اليوم ميلاد لعهد جديد في تاريخنا الوطني.


 
 مساء 13 نوفمبر 1918 أخذ سعد وزميليه عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي يتشاورون في الطريقة التي يعلنون بها حقهم في التحدث باسم الأمة، فاتفقوا على تأليف هيئة تسمى الوفد المصري، إشارة إلى أنها وفد مصر للمطالبة باستقلالها، كما اتفقوا على أن يعملوا على أن تحصل هذه الهيئة على توكيلات من الأمة تمنحها بمقتضاها هذه الصفة.
 استغرق تأسيس هيئة الوفد المصري عشرة أيام بين 13 و23 نوفمبر سنة 1918، وتألف الوفد في تشكيله الأول يوم 13 نوفمبر برئاسة سعد زغلول باشا وعضوية علي شعراوي باشا وعبد العزيز فهمي بك ومحمد محمود باشا وأحمد لطفي السيد بك وعبد اللطيف المكباتي ومحمد علي علوبة بك، وكانوا جميعا أعضاء في الجمعية التشريعية باستثناء محمد محمود وأحمد لطفي السيد، كما كان أغلبهم من الميالين لتيار حزب الأمة باستثناء محمد علي علوبة عضو اللجنة الإدارية للحزب الوطني وعبد اللطيف المكباتي المؤيد لتيار الحزب الوطني، واتفق أعضاء الوفد على قانونه الذي تضمنت مادته الأولى أسماء أعضاء الوفد، ونصت مادته الثانية على أن مهمة الوفد هي السعي بالطرق السلمية المشروعة، حيثما وجد للسعي سبيلًا، في استقلال مصر استقلالًا تاًما، وقررت المادة الثالثة من القانون أن الوفد يستمد قوته من رغبة أهالي مصر التي يعبرون عنها رأسًا أو بواسطة من يمثلونهم بالهيئات النيابية، كما أشار القانون في مادته الثامنة أن للوفد أن يضم إليه أعضاء آخرون، الأمر الذي حدث بالفعل خلال الأيام والأسابيع التالية، وقد صدق الأعضاء على قانون الوفد في 23 نوفمبر سنة 1918.
 لم يكن الوفد المصري بهذه الصورة التي بدأ بها حزبًا بالمعنى الدقيق للكلمة، بل جماعة من الساسة تنوب عن الأمة وتمثلها في المطالبة باستقلالها، فقد عرفت مصر الأحزاب السياسية بشكل جنيني في سبعينيات القرن التاسع عشر، ثم عرفت التشكليات الحزبية المكتملة في العقد الأول من القرن العشرين بتأسيس حزب الأمة والحزب الوطني، بالإضافة إلى عدد من الأحزاب الصغيرة الأخرى، ولم يكن الوفد عندما قام حزبًا على شاكلة هذه الأحزاب، كان تجمعًا من الساسة حول هدف واحد محدد وبرنامج من نقطة واحدة هي السعي من أجل استقلال مصر استقلالًا تامًا.
  عندما تأسس الوفد كان الحزب الوطني لا يزال قائمًا رغم ملاحقة سلطات الاحتلال لقادته أثناء الحرب، وكان رجال حزب الأمة قد تحولوا إلى الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والثقافية بعد إغلاق جريدة الحزب سنة 1915، وتحول بعض شبابهم إلى الكتابة في مجلة السفور، وعقب الحرب وتأسيس الوفد شكل مجموعة من هؤلاء الشباب الحزب الديمقراطي المصري، وحاولوا الانضمام للوفد، لكن مسعاهم لم يكلل بالنجاح فلم يكونوا قد أعلنوا عن حزبهم بشكل رسمي بعد، ولم يقبلهم سعد في الوفد رغم قربهم من تيار حزب الأمة سياسيًا وفكريًا، وانتمائهم بدرجة أو أخرى إلى مدرسته.
 ولتأليف الوفد المصري قصة تثير الخلاف بين الساسة والمؤرخين حول صاحب فكرته، لقد تعرض كثير من الساسة والمؤرخين لقضية صاحب فكرة تأليف الوفد في كتاباتهم، منهم أحمد شفيق باشا وإسماعيل باشا صدقي ومحمود غنام ومحمد أبو الفتح وعبد الرحمن الرافعي، وتناولها بالدراسة والتحليل المؤرخ الراحل الدكتور عبد العظيم رمضان في كتابه الرائد "تطور الحركة الوطنية في مصر"، وحاول أن يميز بين المطالبة باسترداد مصر لحقوقها وفكرة تأليف الوفد كأداة لاسترداد الحق، فقد كان السعي لنيل مصر لاستقلالها مطلبًا عامًا لرجال السياسة في مصر، بل حلمًا لمجمل المصريين، وكان التفكير في وسيلة لتحقيق هذا الهدف شغلًا شاغلًا لكثير من الساسة المصريين.
 ويلح السؤال، هل كان صاحب فكرة تشكيل الوفد هو سعد باشا الذي تزعم الوفد يوم تأسيسه؟ أم أن الوفد كان فكرة شخص آخر؟ وهنا يظهر اسم الأمير عمر طوسون أحد إمراء أسرة محمد علي الذين عرفوا بمواقفهم الوطنية، كما يتردد اسم حسين باشا رشدي وزير الداخلية. فمن منهم كان صاحب الفكرة؟ من كان صاحب براءة ابتكار الوفد المصري؟

 سؤال يُطرح بإلحاح بين المؤرخين والساسة منذ تسعين سنة، وتنحصر نسبة فكرة تشكيل الوفد المصري بين ثلاثة من رجال ذلك العصر:
 أولهم سعد باشا زغلول مؤسس الوفد وزعيمه ورئيسه الأول الذي كان وكيلًا منتخًبا للجمعية التشريعية وناظرًا ـ أي وزيرًا ـ للمعارف والحقانية في عدة تشكيلات وزاريه قبل الحرب العالمية الأولى، والذي يعتبره المؤرخون أول ناظر من أبناء الفلاحين في عصر الاحتلال، وترجع علاقته بالعمل الوطني إلى زمن الثورة العرابية وبداية عصر الاحتلال.

سعد زغلول 
وثانيهما حسين باشا رشدي طبوزاده رئيس الوزراء ذو الأصول التركية الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس النظار أو ناظر النظار منذ أبريل سنة 1914، وعاصر إعلان الحماية البريطانية على مصر وكان وقتها نائبًا للحضرة الخديوية أثناء سفر عباس حلمي الثاني خارج البلاد إلى جانب عمله كناظر للنظار، وحمل على كاهله عبء التعامل مع سلطات الحماية في فترة الانتقال من نظام الخديوية إلى نظام السلطنة، وكان أول من حمل لقب رئيس مجلس الوزراء في مصر في إطار التحولات التي صاحبت إعلان السلطنة في مصر، وذلك في ديسمبر سنة 1914، واستمر في منصبه حتى 22 أبريل سنة 1919، أي أنه عاصر سنوات الحرب كلها واستمر حتى قيام الثورة ونهاية مرحلتها الأولى.

حسين باشا رشدي
أما ثالث الثلاثة فهو الأمير عمر طوسون سليل أسرة محمد علي، المعروف بمواقفة الوطنية المشوبه بميول عثمانية وبعدائه للاحتلال البريطاني، وكان الأمير يعد من المناصرين للحركة الوطنية داخل الأسرة العلوية وكذلك بميوله الإصلاحية، واستمرت مواقفه في الدفاع عن الاستقلال والدستور مع مجموعة من أمراء أسرة محمد علي في مرحلة ما بعد الثورة، ثورة 19 طبعًا.

 
الأمير عمر طوسون
ولكل واحد من الثلاثة قصة مع تشكيل الوفد المصري، إنها ثلاث قصص متقاطعة تنتهي كلها إلى ما حدث يوم 13 نوفمبر سنة 1918 وما تلاه من أيام مجيده في تاريخ مصر الحديث.
 الأمر المؤكد أن النخبة السياسية المصرية كانت تنتظر انتهاء الحرب العظمى كي تحصل مصر على استقلالها التام، فالعلاقة بالدولة العثمانية قد انتهت رسميًا وفعليًا، بل إن الدولة العثمانية نفسها كانت توشك على أن تلقى حتفها، ومبرر إعلان الحماية البريطانية على مصر ينتهي بانتهاء الحرب، وبالتالي فالمنطق الطبيعي لابد أن يقود إلى إعلان استقلال البلاد بإعلان الهدنة، كذلك أحيا إعلان الرئيس الأمريكي ولسن لمبادئه الأربعة عشر الشهيرة، ثم لما ردده في خطبه السياسية في العام الأخير للحرب حول حق تقرير المصير لشعوب الأرض الآمال في النفوس، لكن هل يحصل المصريون على استقلالهم دون مطالبة؟ بالطبع لا، لابد من هيئة أو وفد مصري يفاوض من أجل هذا الاستقلال ويطالب به.
لا شك إذا في أن فكرة المطالبة بالاستقلال بعد الحرب كانت تشغل الساسة المصريين، لكن ممن جاءت البداية؟
 يكاد يتفق الجميع على أن الأمير عمر طوسون كان أول من طرح الفكرة بشكل واضح ومستقيم، ويقول الأمير عن ذلك بعد سنوات من الأحداث: "إن فكرة إرسال وفد رسمي للمطالبة بحقوق مصر في مؤتمر الصلح، الذي أزمع عقده في نهاية الحرب العالمية الأولى قد خطرت ببالنا بعدما صرح الدكتور ولسن رئيس جمهورية الولايات المتحدة بمبادئه الأربعة عشر المشهورة في 8 يناير سنة 1918، تلك النقاط التي تمنح الحق لكل أمة صغرت أو كبرت في تقرير مصيرها، ولما كانت مسألة مصر، بناء على هذا الاعتبار، مسألة دولية، وليس لدولة دون سواها أن تنفرد بالنظر فيها، وأن مثل هذه المسألة الهامة تحتاج إلى درس وتمحيص قبل اجتماع المؤتمر، حتى لا يأتي يوم انعقاده إلا ونحن جميعًا مستعدون للمطالبة بحقوق بلادنا كاملة، ولا يضيع علينا الوقت سدى، فقد دفعنا ذلك إلى التكلم مع المرحوم محمد سعيد باشا في شأنها (كان محمد سعيد ناظرًا للنظار قبل حسين رشدي باشا كما عاد إليها مرة أخرى بعد استقالة رشدي سنة 1919) فاقترح علينا أن نتكلم فيها مع المرحوم سعد زغلول باشا لشخصيته البارزة في الهيئة الاجتماعية وفي الجمعية التشريعية، فاستصوبنا هذا الرأي وصممنا عليه، ولم تمكنا المقادير من مقابلة سعد باشا إلا في الحفلة التي أقامها المرحوم رشدي باشا في ليلة 9 أكتوبر سنة 1918 بكازينو سان استفانو احتفالًا بعيد جلوس المغفور له الملك أحمد فؤاد الأول، وذلك قبل الهدنة والصلح، لأن نهاية الحرب كانت قد بدأت في هذا التاريخ، وفي تلك الليلة ذكرنا لسعد باشا قرب انتهاء الحرب وانعقاد مؤتمر الصلح، وإنه يحسن بمصر أن تفكر في إرسال وفد للمطالبة بحقوقها أمام هذا المؤتمر. فاستحسن الفكرة ووعد بالتكلم مع أصدقائه فيها عند عودته إلى القاهرة وأن يخبرنا بالنتيجة".
 
 هذه رواية الأمير للموضوع، فماذا كانت رواية سعد زغلول؟
 تتفق رواية سعد زغلول في مذكراته مع رواية الأمير عمر طوسون، حول طرح الأمير للفكرة في حفل 9 أكتوبر سنة 1918 بسان استفانو بالإسكندرية في حوار جانبي بينهما، ويزيد سعد على ذلك أن الأمير عاد مرة أخرى للنقاش معه في الموضوع بعدها بأيام قليلة، في حفل آخر أقامه السير رجنلد ونجت المندوب السامي البريطاني في مصر تكريمًا للسلطان فؤاد بالإسكندرية يوم 23 أكتوبر، والتقيا في اليوم التالي في القطار في طريق عودتهما للقاهرة وتحادثا في الموضوع مرة ثالثة، وحسب رواية لسعد زغلول فإنه رحب بالفكرة عندما عرضها عليه الأمير ولكنه قال له إن الفكرة "قامت في بعض الرؤوس من قبل وقد آن الآن أوانها"، الأمر الذي أكد عمر طوسون أنه لا يتذكر أن سعد زغلول قاله له.
 وفي يوم 11 نوفمبر أبلغ سعد زغلول الأمير عمر طوسون بموعده مع المندوب السامي البريطاني يوم 13 نوفمبر بمجرد تحديد الموعد، فقرر الأمير عقد اجتماع بقصره بشبرا يوم 19 نوفمبر 1918 لمناقشة أمر تشكيل الوفد ووجه الدعوات إلا أن الحكومة قررت منع الاجتماع وتم إبلاغ الأمير فأرسل للمدعوين خطابات بتأجيل عقد الاجتماع، ويذكر عبد الرحمن الرافعي في كتابه عن ثورة 1919 أنه تردد أن الإلغاء كان باتفاق بين السلطان ورشدي باشا وسعد زغلول.
 سعى الأمير عندما شعر باتجاه سعد زغلول وحسين رشدي إلى استبعاده لتكوين وفد موازي، وجمع بعض المقربين إليه وبعض رجال الحزب الوطني، وبدا أن الحركة الوطنية في طريقها للانقسام، لكن الأمير عمر طوسون تلقى رسالة من السلطان على لسان أمين يحيى باشا يدعوه فيها للكف عن التدخل في هذه المسألة. ويرى الرافعي أن سعد اعتبر دخول الأمير في الوفد يعني رئاسته بالضرورة له وبالتالي فقد سعى لأن يشكل الوفد بعيدًا عنه، وسواء صحت تفسيرات الرافعي أم لا فإن شعبية الوفد وابتعاده عن أن يشكل تحت رئاسة أحد أمراء الأسرة العلوية الحاكمة حتى لو كان هذا الأمير من أصحاب المواقف الوطنية مثل عمر طوسون قد أعطاه قوة وتأثير أكبر، وكما سجل الدكتور عبد العظيم رمضان في كتابه المهم "تطور الحركة الوطنية في مصر" فإن سعد وصحبه كانوا يريدونها "حركة شعب لا إمارة وحركة استقلال لا خلافة". ومع ذلك يؤكد سعد زغلول في مذكراته على فضل الأمير عمر طوسون فيقول بالحرف الواحد: "إن الأمير يستحق تمثالًا من الذهب لو نجحت المهمة".
 في نفس الوقت كان حسين رشدي باشا يفكر مع نهاية الحرب في الوسيلة التي يتحقق بها وعد الإنجليز بمنح مصر استقلالها مقابل موقفها أثناء الحرب العالمية الأولى، ولما كان هو الذي تعامل مع سلطات الاحتلال منذ اللحظة الأولى لقيام الحرب وإعلان الأحكام العرفية باعتباره قائم مقام خديوي مصر، كما أنه كان أول رئيس وزراء بعد إعلان السلطنة وكان عليه مسئولية التعامل مع سلطات الحماية البريطانية، ورغم أن قرار الحماية والمراسلات الموجهة لرئيس الوزارة المصري لا تحمل وعدًا صريحًا باستقلال مصر بعد الحرب، إلا أن رشدي باشا ورجال حكومته ومنهم عدلي باشا يكن كانوا على قناعة كاملة بأن استقلال مصر مرتبط بانتهاء الحرب وانتصار بريطانيا وحلفائها، ومن هنا فقد كانت الحكومة المصرية وعلى رأسها حسين رشدي تفكر في سبل المطالبة باستقلال البلاد، وتعد العدة لتشكيل وفد رسمي يتوجه إلى لندن لمناقشة حكومة جلالة الملك في أمر مصر بعد الحرب، وكانت رؤية رشدي وعدلي أن وجود وفد غير رسمي أو "شعبي" إلى جانب الوفد الرسمي يدعم المطالبة بالاستقلال، وعزز جهود الحكومة التي لا تستند إلى أي مشروعية شعبية، وسعد يملك هذه المشروعية باعتباره الوكيل المنتخب للجمعية التشريعية وبخبرته السياسية الطويلة أفضل من يرأس هذا الوفد، لذلك كان التنسيق كاملًا بين سعد ومجموعته ورئيس مجلس الوزراء حسين باشا رشدي.

الزعيم محمد فريد
يبقى شخص رابع لم يفكر في إرسال وفد بل قام بنفسه بالفعل ومنذ سنوات ما قبل الحرب برئاسة عدة وفود في محافل دولية مختلفة للمطالبة باستقلال مصر، إنه محمد فريد بك الزعيم المنسي، خليفة مصطفى كامل في رئاسة الحزب الوطني، الرجل الذي اختار المنفى ليواجه من خلاله الاحتلال، فمنذ عام 1910 يشارك الزعيم محمد فريد في مؤتمرات السلام العالمية ويلقي فيها الخطب ويقدم المذكرات شارحًا القضية المصرية، كان أول مؤتمر للسلام يشارك فيه مؤتمر استوكهلم في أغسطس سنة 1910 وشكل بعده جمعية السلام العام بوادي النيل، ليشارك بعدها في مؤتمر جنيف في سبتمبر سنة 1912 ومؤتمر لاهاي في أغسطس سنة 1913 على رأس وفد مصري ضم محمد عبد الملك حمزة بك ومحمد علي بك المهندس والأستاذ محمد السادة والأستاذ السيد منصور، كما شارك في مؤتمرات الأجناس المضطهدة بلندن في فبراير 1914 ولوزان في يونيو 1916، كما تقدم بمذكرة لمؤتمر الاشتراكية الدولية باستوكهلم سنة 1917، وفي أكتوبر من نفس العام وقبل طرح فكرة الوفد المصري بعام أرسل بمذكرة للدول المتحاربة والمحايدة يطلب فيها الإقرار باستقلال مصر التام وحريتها عند انعقاد مؤتمر الصلح، وتوالت مذكراته ورسائله من المنفى إلى كل محفل دولي يمكن أن يخاطبه، بما في ذلك مؤتمر الصلح نفسه الذي أرسل إليه ثلاثة تقارير في ديسمبر 1918 ويناير 1919 طالب فيها باستقلال وادي النيل وقبول مصر في عصبة الأمم وتمثيلها في مؤتمر الصلح وحماية حرية الملاحة في قناة السويس.
 لقد كانت هناك رؤيتان داخل الحركة الوطنية رؤية الأمير عمر طوسون والحزب الوطني وترى تدويل القضية وعرضها على مؤتمر الصلح، ورؤية سعد زغلول ومجموعته وحسين رشدي وحكومته وترى الاتجاه إلى بريطانيا والحوار معها. وقد نجح سعد زغلول في الأيام الأولى للحركة في لم الشمل الوطني من خلال ضم أعضاء جدد للوفد يمثلون الاتجاهات المختلفة في الحركة الوطنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...