الثلاثاء، 4 أبريل 2023

تقديم الطبعة الجديدة من كتاب طه حسين مستقبل الثقافة في مصر 2023

  

مستقبل الثقافة في مصر سؤال متجدد

عماد أبو غازي

 



 يوافق هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل عميد الأدب العربي، ففي شهر أكتوبر 1973 غادر طه حسين دنيانا ومصر تخوض حربها من أجل تحرير الأرض، وما زلت الذاكرة تحتفظ بمشهد الوداع المهيب الذي انطلق فيه طه حسين للمرة الأخيرة من حرم جامعة القاهرة محمولًا على أكتاف تلاميذه وتلاميذ تلاميذه في جنازة مهيبة إلى جامع صلاح الدين على الضفة الأخرى من النيل، غادرنا من جامعة القاهرة التي ارتبط بها منذ دخلها طالبًا وهي بعد جامعة أهلية، وكان أول من يحصل على درجة الدكتوراه منها، ثم أثراها بفكره، ومنحها من عقله وروحه إلى أن أصبحت الجامعة المصرية الحكومية الأولى، وخاض الرجل فيها معاركه من أجل تحرير العقل، طالبًا ثم مدرسًا فأستاذًا وعميدًا لكلية الآداب.

 وإذا كنا نحتفل هذا العام بالذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به تمر هذا العام؛ ففي شهر ديسمبر يكون قد مر خمسة وثمانون عامًا على صدور كتابه المهم "مستقبل الثقافة في مصر"،[1] وإذا كان أبناء جيلي لم يعاصروا صدور الكتاب وما أثاره من معارك فكرية حينها، إلا أن أصداء هذه المعارك ما زالت تتردد إلى يومنا هذا، وترتفع وتيرتها مع كل طبعة جديدة من طبعات الكتاب.

 لقد استحضرنا الكتاب عند المنعطفات المهمة واللحظات الحرجة في تاريخنا، ففي عام 1992، وفي مواجهة موجة الإرهاب التي شهدتها مصر، صدرت طبعة مصورة عن الطبعة الأولى للكتاب،[2] وفي عام 1996 صدرت طبعة ثانية من الكتاب بمناسبة اقتراب الذكرى الستين لصدور طبعته الأولى،[3] وفي أعقاب ثورة 25 يناير صدرت عدة طبعات للكتاب،[4] والآن ومع اقتراب الذكرى الخمسين لرحيل العميد اختار المجلس الأعلى للثقافة إعادة إصدار "مستقبل الثقافة في مصر" ليفتتح به الاحتفاء بالذكرى.

 ومن اللافت للنظر أن كثير من القضايا التي طرحها طه حسين في كتابه ما زالت مطروحة للنقاش، وبعض المشكلات التي تعرض لها وقدم تصوراته لحلولها عالقة إلى الآن لم تجد لها حلًا، فالكتاب رغم مرور كل هذه السنوات ما زال مثيرًا للنقاش، ليس فقط باعتباره علامة من علامات تاريخ الفكر والثقافة في مصر، بل كذلك لأن القضايا التي طرحها حية إلى الآن.

 والكتاب من الأعمال الأساسية التي اهتمت بوضع تصور واضح ومتكامل لخطة للتكوين المعرفي للإنسان المصري، ويسبقه في هذا المجال كتاب رفاعة رافع الطهطاوي "المرشد الأمين للبنات والبنين"، الذي صدرت طبعته الأولى في عام 1875 بعد وفاة مؤلفه بعامين.[5]

 وبعد صدور كتاب طه حسين بحوالي خمسة وخمسين عامًا أصدر تلميذه سليمان حزين الجغرافي والمفكر المصري البارز كتابه "مستقبل الثقافة في مصر العربية" الذي صدرت طبعته الأولى عام 1994،[6] في وقت تجدد فيه الحديث عن مشكلات منظومة التعليم في مصر.[7]

 وربما يكون من المفيد لفهم جانب من جوانب تطور فكر النخبة المثقفة في مصر المقارنة بين الرؤى الثلاث.[8]

 وربما يمكن كذلك أن نعتبر أن كتاب الدكتور طه حسين الذي صدر سنة 1938 "مستقبل الثقافة في مصر" من أقدم الخطط المستقبلية على المستوى القطاعي،[9] ورغم أنه لم يكن يشغل موقع المسئولية التنفيذية في ذلك الحين إلا أنه من واقع خبراته الحياتية ورؤيته كمفكر منحاز للتقدم نجح في أن يقدم هذه الخطة المستقبلية التي سعى إلى تنفيذ بعضها عندما تولى منصب وزير المعارف العمومية في حكومة الوفد الأخيرة (12 يناير 1950-27 يناير 1952).

 لقد كان طه حسين مفكرًا مهمومًا بالمستقبل، مستقبل وطنه، ومستقبل الأجيال الجديدة، ومستقبل الفكر والعلم والثقافة، وهو مثل كثير من المستقبليين ينطلق إلى المستقبل من دراسة الماضي، وكان ينظر إلى الماضي من زاويتين: الزاوية الأولى الماضي/التاريخ/التراث كحجر عثرة في طريق التقدم بسبب أسلوب تعاملنا معها، وتحويله إلى مقدس غير قابل للنقد والنقض، والزاوية الثانية الماضي/التاريخ/التراث كنقطة انطلاق نحو المستقبل نتعامل معه برؤية نقدية ونأخذ منه ونبني عليه باعتباره مكون من مكونات الهُوية.

 وقبل كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" (1938)، تعامل طه حسين مع التراث برؤية تتطلع إلى بناء عقلية نقدية لدى أجيال المستقبل من طلابه في الجامعة عندما وضع الشعر الجاهلي على محك النقد مستخدمًا الشك المنهجي في التعامل مع نصوصه، وعندما أصدر محاضراته تلك في كتاب "في الشعر الجاهلي" عام 1926، وأثار الكتاب وقتها عاصفة من الهجوم على طه حسين، وصلت به إلى المثول أمام النيابة العامة.

 وفي عام 1953 أكمل طه حسين مشروعه لدراسة التاريخ الإسلامي المبكر بصدور الجزء الثاني من "الفتنة الكبرى" عليّ وبنوه، وكان هنا أيضًا دارسًا للتاريخ متطلعًا إلى المستقبل، من خلال سعيه لإقرار النقد التاريخي منهجًا في التعامل مع أحداث عصر الخلفاء الراشدين بعيدًا عن إضفاء القداسة على التاريخ.

 وفي مستقبل الثقافة في مصر انطلق طه حسين أيضًا من الماضي ليبني تصوراته للمستقبل، مستقبل الثقافة، التي رأى فيها مدخلًا لمستقبل الوطن.


 السياق التاريخي

  لقد صدر كتاب مستقبل الثقافة في مصر في النصف الثاني من عام 1938، لكن فكرة الكتاب راودت طه حسين قبلها بعامين، أي في عام 1936، فبعد توقيع معاهدة 1936 بين مصر وبريطانيا العظمى، والتي حققت لمصر خطوة جديدة في طريق استقلالها الكامل، وقتها شعر قطاع واسع من المصريين أن وطنهم ينطلق نحو آفاق جديدة، الأمر الذي دفع عددًا من شباب الجامعة إلى التوجه نحو أساتذتهم لسؤالهم عن المستقبل، و"عما يرون في واجب مصر بعد إمضاء المعاهدة مع الإنجليز"، ورأى طه حسين أن إجابته على أسئلة الشباب كانت مقتضبة، وأن الأمر يحتاج إلى مزيد من الإسهاب، ومن هنا جاءت فكرة كتاب يتناول فيه رؤيته لما ينبغي أن يكون عليه حال التعليم والثقافة في مصر في عهدها الجديد، باعتبارهما المدخل لكل تقدم نرجوه.

 وجاءت مناسبة تأليف الكتاب عندما ندبته وزارة المعارف لتمثيلها في مؤتمر عُقد في باريس للجان الوطنية للتعاون الفكري[10] في صيف عام 1937، كما ندبته الجامعة لتمثيلها في مؤتمر التعليم العالي في باريس في صيف العام نفسه أيضًا، فقرر أن يؤلف هذا الكتاب بدلًا من أن يقدم تقريرين عن مشاركته في المؤتمرين للمسؤولين في الوزارة والجامعة، فقد توقع أن المسؤولين عادة لا يلقون بالًا إلى ما يقدم إليهم من تقارير، بينما الكتاب الذي سيبذل في تأليفه جهدًا أكبر ويقدم فيه رؤية مكتملة سيلقى نصيب أكبر من الاهتمام.

 استهل طه حسين كتابه بعبارة يمكن أن نعتبرها مفتاحًا للكتاب كله؛ قال: "الموضوع الذي أريد أن أدير فيه هذا الحديث هو مستقبل الثقافة في مصر التي ردت إليها الحرية بإحياء الدستور، وأُعيدت لها الكرامة بتحقيق الاستقلال"؛ إذًا فالدستور والاستقلال هما مدخل هذا الكتاب، وهما السبب المباشر في تأليفه.

 لقد صدر الكتاب ومصر قد دخلت عصرًا جديدًا، أنهت فيه مرحلة صعبة في تاريخها، وحصلت على قدر من استقلالها، واستعادت سيادتها على شأنها الداخلي، واستعاد شعبها بتضحيات أبنائه حياته الديمقراطية ودستوره الذي سلبته دكتاتورية فؤاد وصدقي.

 ولكي نستطيع أن نفهم محتوى الكتاب والرؤية التي قدمها طه حسين فيه، لابد أن نعود بضع سنوات إلى الوراء، تحديدًا إلى عام 1930، ففي ذلك العام دخلت البلاد في أزمة استمرت ست سنوات؛ فبمجرد أن انتهت مفاوضات النحاس هندرسون من أجل استقلال مصر إلى الفشل، بدأت محاولات الملك فؤاد لعرقلة عمل حكومة الوفد بالامتناع عن إصدار القوانين التي تقدمها الحكومة ويقرها البرلمان، وقبل أن ينقضي عام 1930، كان الملك قد نجح في التخلص من حكومة الوفد، وعين إسماعيل صدقي باشا رئيسًا للوزراء دون أغلبية برلمانية، ثم عطل البرلمان وألغى دستور 1923 الذي يقيد سلطاته، واستبدل به دستور 1930 الذي يركز السلطة في يد الملك وحكومته على حساب سلطة الأمة، ليبدأ أطول انقلاب دستوري في الحقبة شبه الليبرالية.

  خلال تلك السنوات جرى التعدي على الحريات ومصادرة الصحف، ونال المثقفون نصيبهم من هذا الانقلاب، فسُجن العقاد، وفُصل حافظ إبراهيم من عمله، ومنعت الحكومة إقامة تمثالي مختار لسعد زغلول في القاهرة والإسكندرية، ونقل طه حسين من الجامعة إلى ديوان وزارة المعارف، فاستقال أحمد لطفي السيد مدير الجامعة دفاعًا عن استقلالها.

 وفي نوفمبر 1935 انتفض طلاب الجامعة المصرية مطالبين بإقالة الحكومة وعودة دستور 1923، محتجين على تصريح السير صمويل هور وزير الخارجية البريطاني يوم 9 نوفمبر 1935، وقال فيه: "لا صحة إطلاقا إننا نعارض في عودة النظام الدستوري لمصر، بشكل يتفق مع احتياجاتها، فنحن انطلاقا من تقاليدنا لا نريد أن نقوم بذلك ولا يمكن أن نقوم به، فقط عندما استشارونا في الأمر، أشرنا بعدم إعادة دستور 23 ولا دستور 30، لأنه قد ظهر أن الأول غير صالح للعمل به، والثاني غير مرغوب فيه"، لقد فضح التصريح الحكومة المصرية التي لا تستطيع أن تتخذ قرارًا في شأن داخلي، وكشف موقف بريطانيا المعارض لعودة دستور 1923.

 كان رد الفعل الشعبي سريعًا وقويًا، فقد نشرت صحف 10 نوفمبر 1935 التصريح مهاجمة إياه، وفي يوم 11 نوفمبر جاءت المبادرة من جانب الطلاب، فاجتمعت اللجنة التنفيذية العليا التي تمثل اتحاد طلاب الجامعة، وأصدرت نداءً وطنيًا بمناسبة عيد الجهاد الوطني[11]، نشرته صحف 12 نوفمبر، دعت فيه إلى أن يحتفل طلبة الجامعة والأمة بهذا اليوم احتفالًا يليق بجلال هذه الذكرى، وأعلن بيان اللجنة بدء الجهاد من أجل الدستور والاستقلال، وكان الطابع الغالب على الحركة عند بدايتها، الوحدة والبعد عن التحزب.

 وفي صبيحة يوم 13 نوفمبر خرجت المظاهرات من الجامعة ومن دار العلوم والأزهر وبعض المدارس الثانوية في القاهرة وخارجها، وتواصلت لعدة أيام سقط فيها عشرات الجرحى والشهداء، كان أشهر هؤلاء الشهداء الشهيد محمد عبد الحكم الجراحي شهيد كلية الآداب الذي أصيب بالرصاص في مظاهرة 14 نوفمبر واستمر يصارع الموت خمسة أيام، وكانت متابعة الصحافة لإخباره يومًا بيوم سببًا في التفاف مشاعر الأمة حول الشاب الذي كان في العشرين من عمره، وكانت الرسائل التي يبعث بها من سريره وهو بين الحياة والموت سببًا في حفز همم المصريين واشتعال الموقف ضد الحكومة وضد الاحتلال، وتواصل الحراك الشعبي حتى اضطر الملك فؤاد إلى إعلان عودة دستور 1923 يوم 12 ديسمبر 1935، والدعوة لانتخابات عامة عادت بحزب الوفد إلى الحكم.[12]

 فتحت هذه الانتفاضة التي عرفت بثورة الشباب الطريق لتشكيل حكومة جبهة وطنية بقيادة الوفد المصري دخلت في مفاوضات مع بريطانيا، انتهت إلى توقيع معاهدة 1936، التي انتقلت باستقلال مصر خطوات إلى الأمام، رغم ما وجهته بعض القوى السياسية لها من انتقادات، وفتحت هذه المعاهدة الطريق لتوقيع معاهدة مونترو سنة 1937 والتي انهت الامتيازات للأجانب في مصر، وساوت بينهم وبين المصريين أمام القانون لأول مرة منذ عقود طويلة.

 هذه هي الأجواء التي ألف فيها طه حسين كتابه "مستقبل الثقافة في مصر"، محاولًا رسم خارطة طريق لمستقبل مصر المستقلة الديمقراطية من خلال تكوين المواطن المصري بالتعليم والثقافة؛ فكما قال في كتابه: "وقد كانت شعوب كثيرة من الناس في أقطار كثيرة من الأرض تعيش حرة مستقلة، فلم تغن عنها الحرية شيئًا، ولم يُجد عليها الاستقلال نفعًا، ولم تعصمها الحرية والاستقلال من أن تعتدي عليها شعوب أخرى تستمتع بالحرية والاستقلال، ولكنها لا تكتفي بهما ولا تراهما غايتها القصوى، وإنما تضيف إليهما شيئًا آخر أو أشياءً أخرى، تضيف إليهما الحضارة التي تقوم على الثقافة والعلم، والقوة التي تنشأ عن الثقافة والعلم، والثروة التي تنتجها الثقافة والعلم، ولولا أن مصر قصرت طائعة أو كارهة في ذات الثقافة والعلم لما فقدت حريتها، ولما أضاعت استقلالها، ولما احتاجت إلى هذا الجهاد العنيف الشريف لتسترد الحرية وتستعيد الاستقلال."

 كانت هذه هي الفكرة المسيطرة على طه حسين في كتابه: ضرورة الحفاظ على الحرية والاستقلال، وقد تولدت لديه هذه الفكرة من الأجواء التي عاشتها مصر في السنوات السابقة على تأليف الكتاب.

 بنية الكتاب

 بعد المقدمة التي روى فيها طه حسين قصة تأليفه للكتاب وما دفعه إلى إملائه، يتكون الكتاب من ستين موضوعًا متفاوتة الطول،[13] ينقلنا كل موضوع منها إلى الموضوع التالي له بسلاسة، ويدور كل موضوع منها حول فكرة محددة يناقشها طه حسين بإسهاب، وتقودنا إلى الموضوع التالي الذي يحمل فكرة جديدة مبنية غالبًا على الفكرة السابقة عليها، وربما نستطيع أن نعتبر كل موضوع من هذه الموضوعات فصلًا من فصول الكتاب.

 يفتتح طه حسين كتابه بفصل يعرض فيه بإيجاز فكرته الأساسية التي تجعل من الثقافة والعلم أساسًا للحضارة والاستقلال، ومن المجد القديم دافعًا لبناء مستقبلنا، يؤكد أن سبيلنا لبناء المستقبل "أن نأخذ أمورنا بالحزم والجد، وأن نعرض عن الألفاظ التي لا تغني، إلى الأعمال التي تغني، وأن نبدأ في إقامة حياتنا الجديدة من العمل الصادق النافع على أساس متين."

 ويمكن أن نقّسم الكتاب بعد هذا الفصل إلى قسمين رئيسيين، الأول صغير يتضمن الفصول من الثاني إلى الثاني عشر، وتدور كلها حول الهوية المصرية، بينما تدور باقي فصول الكتاب حول أوضاع التعليم والثقافة في مصر، ويشغل هذا القسم معظم صفحات الكتاب، من خلال سبعة وأربعين فصلًا، ويمكن أن ينقسم بدوره إلى موضوعات ترصد أوضاع التعليم ومشكلاته، وموضوعات تسعى لمحاولة تقديم مقترحات تفصيلية لحلها، ثم ثمانية موضوعات يناقش خلالها وضع الثقافة والمثقفين.

 وفي الفصل الأخير الذي يمكن أن نعتبره بمثابة خاتمة للكتاب، يؤكد تفاؤله بالمستقبل، لأنه يرى "شجرة الثقافة المصرية باسقة، فقد ثبتت أصولها في أرض مصر، وارتفعت فروعها في سماء مصر، وامتدت أغصانها في كل وجه، فأظلت ما حول مصر من البلاد، وحملت إلى أهلها ثمرات حلوة فيها ذكاء للقلوب وغذاء للعقول وقوة للأرواح"، هكذا يختم طه حسين كتابه بحلمه وأمله في المستقبل الذي اتخذه عنوانًا للكتاب.

 هُوية مصر وعالم البحر المتوسط

 بدأ طه حسين كتابه بالبحث في الهُوية، هُوية مصر وانتمائها، ربما كانت الفصول التي تدور حول الهوية هي أكثر ما أثار الجدل والنقاش حول كتاب مستقبل الثقافة في مصر، في حين صدور الكتاب، وإلى الآن، بل حول طه حسين نفسه.

 ناقش طه حسين قضية الهوية في وقت كانت مصر قد انسلخت حديثًا انسلاخًا كاملًا من الإطار العثماني، واستكملت بناء هويتها القومية المصرية بعد ثورة 1919 التي توجت نضالًا ممتدًا من أواخر القرن الثامن عشر، لكن كانت هناك بقايا لمقاومة فكرة القومية المصرية، وكانت هناك تيارات ترفض الجديد وتحاول إعادة مصر إلى زمن سابق، وإذا كان البحث عن الهُوية مفهومًا في تلك الفترة التي كانت مصر تمر فيها بمنعطفًا تاريخيًا، فالغريب أن يستمر البحث عن هويتنا بعد مرور كل هذه السنوات.

 لقد كان طه حسين يرى أن مستقبل الثقافة بمصر مرتبطًا بماضيها والبعيد وحاضرها القريب، ويدعونا لفهم حقيقة ماضينا وحاضرنا؛ ومن هنا طرح سؤاله الأساسي: أمصر من الشرق أم من الغرب؟

 والشرق والغرب اللذان يعنيهما، الشرق الثقافي والغرب الثقافي، فهو يرى أن هناك ثقافتان متعارضتان، أو نوعين من التفكير، نجد الأول في أوروبا منذ العصور القديمة، ونجد الثاني في أقصى الشرق منذ العصور القديمة أيضًا، وهو يميز دومًا بين الشرق الأقصى والشرق القريب، فما يعنيه بالشرق عادة اليابان والصين والهند وما جاورهم، فهو يتساءل ثانية: أيهما أيسر على العقل المصري؛ أن يفهم الرجل الصيني أو الياباني، أو أن يفهم الرجل الفرنسي أو الإنجليزي؟

 وفي هذا السياق يوجه انتقاده لدعوة الرابطة الشرقية[14] التي تحاول ربط مصر ببلاد الشرق الأقصى ويتعجب منها.

 ويرى طه حسين أن مصر في تاريخها كانت مرتبطة بالشرق القريب، أي فلسطين والشام والعراق، وأن التأثير الثقافي والحضاري استمر بين مصر والشرق القريب، وأن مصر وهذا الشرق القريب كانا دومًا مرتبطان بعالم البحر الأبيض المتوسط، الذي استمدت الحضارة اليونانية أقدم حضارات الشاطئ الآخر له أصول أفكارها وثقافتها من الحضارة المصرية القديمة، ومع ازدهار الحضارة في بلاد اليونان القديمة بدأ التأثير المتبادل بينها وبين الثقافة المصرية، وبينها وبين ثقافات الشرق القريب، شرق المتوسط، وإذا كانت الحضارة الأوروبية الحديثة قد قامت على دعائم الحضارتين اليونانية والرومانية، فهي بالتالي تملك جذورًا مصرية قديمة.

 ويذهب أبعد من ذلك حينما يربط بين الإسلام والمسيحية والحضارة الأوروبية، ويؤكد أن كلا الديانتين ظهرتا في الشرق القريب وأثرتا في أوربا، فأصبحت المسيحية العقيدة الدينية الأساسية في القارة الأوروبية، وأسهمت الحضارة الإسلامية في الحفاظ على التراث القديم لليونان ونقلته عنها أوروبا في عصر نهضتها، ويرى أن العقل الإسلامي كالعقل الأوروبي، وأن الفلسفة المسيحية والفلسفة الإسلامية كلتهما تأثرت بالفلسفة اليونانية، ويخلص في النهاية إلى أن الإسلام والمسيحية يشكلان مكونين أساسيين في عالم البحر الأبيض المتوسط.

ويرد على مقولة كانت شائعة وما تزال فحواها أن حضارة الغرب مادية وحضارتنا روحية، وإن الغرب أصبح زاهدًا في ماديته بسبب ما جلبته عليه من ويلات، ويقول: "الذين يخوضون في أحاديث الشرق والغرب عندنا يجهلون الشرق والغرب جميعًا في أكثر الأحيان، لأنهم يعرفون ظواهر الأشياء ولا يتعمقون حقائقها."

 ويجادل طه حسين بالمنطق والقياس الرافضين المفترضين لفكرته القائلة بأن العقل المصري جزء من العقل الغربي، بمعنى العقل الذي تأسس في حضارات البحر الأبيض المتوسط، ويربط النهضة الحديثة التي بدأت في مصر منذ بدايات القرن التاسع عشر بالنموذج الأوروبي، ويدعونا "أن نلائم بين آرائنا وأقوالنا وأعمالنا، وألا ننكر الحضارة الأوروبية ونحن مقبلون عليها غارقون فيها".

ويرى أنه "إذا كان هناك شر يجب أن نحمي منه أجيال الشباب فهو هذا العلم الكاذب، الذي يكتفي بظواهر الأشياء ولا يتعمق حقائقها، فلننظر كيف نرد عن أجيال الشباب هذا الشر، وليس إلى ذلك سبيل، إلا أن نقيم ثقافة الشباب على أساس متين."

 وهو هنا لا يدعو إلى التبعية لأوروبا، لكنه ينادي بالاستعداد بعلوم أوروبا ونظمها لمواجهة أي خطر يداهمنا من قبلها أو من قبل غيرها.

 فهل كان طه حسين يدعو إلى الابتعاد عن العروبة، أو فصل مصر عن العالم الإسلامي؟ بالقطع الإجابة بالنفي، فهو متمسك أشد التمسك باللغة العربية، وهو يؤكد أن الدين أحد مكونات الهوية، لكنه يفصل بين الانتماء القومي المصري الذي يقوم على أساس المواطنة والمكونات الأخرى للهوية كاللغة والعقيدة الدينية.

قضايا التعليم

  ينتقل طه حسين بعد ذلك إلى القسم الأكبر والأهم من كتابه والذي يناقش فيه قضايا التعليم في مصر، وما يعانيه من مشكلات، وما يقترحه من حلول لها، ويعتبر أن التعليم يلعب الدور الأكبر في التكوين الفكري والمعرفي للإنسان.

 ويدور فكر طه حسين عن التعليم حول ثلاثة محاور رئيسية، أولها التعليم والهوية القومية، وثانيها دور التعليم في الحفاظ على الديمقراطية والاستقلال الوطني، وثالثها التعليم والعدالة الاجتماعية، ومن خلال هذه الركائز الثلاثة في فكر الرجل نستطيع أن نفهم كل أفكاره حول المستقبل المرجو للتعليم.

 وينطلق في مناقشته للتعليم من قضية الهوية، فهو يرى أن ما يتلقاه الإنسان في مراحل التعليم المختلفة يشكل وجدانه وأفكاره وثقافته، ومن هنا يلح على أهمية التركيز على المكونات التراثية للشخصية القومية، خاصة في مرحلة التعليم الأولي، ويحدد هذه المكونات في التاريخ والجغرافيا واللغة ثم الدين، ويؤكد على ضرورة تحقيق وحدة التعليم المبني على مكونات الهوية القومية، وهي في وجهة نظره الهوية القومية الوطنية، وليست القومية القائمة على الدين، أي القومية المصرية.

 ويرصد تعدد أنماط التعليم في مصر ما بين تعليم رسمي وتعليم خاص وتعليم أجنبي وتعليم ديني أزهري، ويؤكد أنه لا يرفض التعددية في أنماط التعليم، فليس من الحكمة أن يكون لدينا نمط واحد من المتعلمين، لكنه يريدها تعددية تلتزم بمكونات الهُوية القومية، بمعنى أنه من الضروري أن تلتزم المدارس بأنماطها المختلفة بتدريس تاريخ مصر وجغرافيتها، وتلتزم بتدريس اللغة العربية، ولا يستثني من ذلك المدارس الأجنبية القائمة في مصر، أم تدريس الدين، فهو يرى أن هناك رأيين في هذا الأمر الأول يرى أن التكوين الديني مسئولية الأسرة، والثاني يرى أنه مسئولية المدرسة، وينتهي إلى أنه لما كانت المدارس الرسمية تقوم بتدريس الدين، فلابد من أن تلتزم بتدريسه الأنماط الأخرى من المدارس بنفس القدر.

 ويرى أن هذا التكوين المعرفي كفيل بإعداد مواطن قادر على الدفاع عن الديمقراطية والاستقلال الوطني، لكنه في الوقت نفسه يوقن أن تحقيق هذا التكوين يحتاج إلى الاهتمام بتأهيل المعلم، والارتقاء بأوضاعه المادية، والنظر إلى محتوى المقررات الدراسة، وأساليب التدريس، والتقويم.

 ويرفض طه حسين ربط الحق في التعليم بالمستوى الاجتماعي، فهو يعتقد محقًا أن الحصول التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان، لا يمكن أن يحرم منه الفقراء، ويتبنى فكرة الوصول إلى مجانية التعليم تدريجيًا، ويرفض دعوات الحد من التوسع في التعليم العام بدعوى انعدام فرص العمل للخريجين، ويرى أن القضاء على البطالة مسئولية الدولة بالدرجة الأولى.

 أما الجامعة فما تحتاجه من وجهة نظره حتى تكون جامعة بحق أمرين: "أحدهما أن تبلغه الآن، وقد كان يجب أن تبلغه منذ أنشئت وهو الاستقلال الصحيح، والثاني تستطيع أن تبلغه شيئًا فشيئًا وتصل إليه قليلًا قليلًا، وهو الثروة وسعة اليد"، ويرى أن الدولة بسياساتها التعليمية في التعليم العام، وبتعديها على استقلال الجامعة هي السبب في جل مشكلات التعليم الجامعي.

 ويناقش في فصلين قصيرين التعليم الديني في الأزهر، والتعليم الديني للأقباط، فيدعو إلى تطويرهما ليتوافقا مع متطلبات العصر.

الثقافة والمثقفون

 يؤكد طه حسين أن الثقافة ليست محصورة في المدارس والمعاهد، وأن تنظيم شئون التعليم وحده ليس كافيًا من أجل تحقيق المستقبل الذي نرنو إليه للثقافة المصرية، وهو يرى أن العمل الثقافي مسئولية مشتركة بين الدولة والشعب.

 ويرى أن هذه المسئولية المشتركة بين الدولة والشعب ينبغي أن تتجه نحو تمكين المثقفين من أن ينتجوا ما يضيف إلى الثقافة المصرية ويجددها، وأن يتعاونوا على تحقيق الصلة بين مصر والثقافات الأجنبية، ومن هنا يدعو للاهتمام بالترجمة، كما يدعو إلى الاهتمام بالعمل الثقافي العربي المشترك.

 ويطرح فكرة مهمة لتطوير العمل الأهلي في مجال الثقافة والعلوم والفنون من خلال إنشاء مجمع مصري يضم الهيئات المختلفة القائمة بالفعل والعاملة في هذه المجالات، بهدف التنسيق بينها، وتوفير دعم الدولة لها بشكل منظم.

  يتناول طه حسين في الفصول الأخيرة قضية الرقابة على الإذاعة والسينما والصحافة، ويرى محقًا، أن القارئ سيدهش من دعوته للرقابة على هذه الوسائط وهو داعية من دعاة الحرية، فقد كان يرى في هذه الوسائط مخاطر على تثقيف الشعب لو أسيء استخدامها، كما كان يرى في السينما تلك الوافدة الجديدة خطر على فن المسرح!

 والرقابة التي يقصدها هنا تختلف عن رقابة الدولة التي تحد من الحريات، والتي كانت تتولاها في ذلك الزمن إدارة الأمن العام أو إدارة المطبوعات، أنما كان يدعو إلى "تنظيم هيئات من المثقفين تشرف من بعيد على حياة هذه الأدوات الثلاثة"، ومن هنا طالب بأن تتولى نقابة الصحفيين الإشراف على حياة الصحافة وتوجيهها إذا حادت عن الصواب، وأن تتشكل هيئة من المثقفين لمتابعة عمل الإذاعة، وأخرى للرقابة على السينما.

 وبعد...

 ونحن أمام طبعة جديدة من كتاب مستقبل الثقافة في مصر، علينا أن نتوقف عند الكلمات التي ختم بها طه حسين كتابه قائلًا:

"فإن مصر التي انتصرت على الخطوب، وثبتت للأحداث وظفرت بحقها من أعظم قوة في الأرض في هدوء وأناة وثقة بالنفس وإيمان بالحق، خليقة أن تنتصر على نفسها وتظهر على ما يعترض طريقها من العقاب، وترد إلى نفسها مجدًا قديمًا عظيمًا لم تنسه ولن تنساه".

 ونتسأل: هكذا كان الحلم وكان الأمل، فترى إين نحن منهما بعد مرور خمسة وثمانين عامًا؟



[1] انتهى طه حسين من كتابه في 31 يولية 1938، وصدر الكتاب في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر من نفس العام.

[2] في أعقاب اغتيال المفكر الليبرالي فرج فودة صدرت سلسلة المواجهة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، التي أعادت نشر عددًا من كتب رواد الفكر المصري والعربي التي ترجع إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر والقرن الأول من القرن العشرين، وشارك في اختيار عناوينها الدكتور جابر عصفور، وكان من بين ما نشر فيها "مستقبل الثقافة في مصر".

[3] صدرت هذه الطبعة التي تحمل على غلافها الطبعة الثانية عن دار المعارف، بمقدمة للدكتور أحمد فتحي سرور الذي كان يشغل منصب رئيس مجلس الشعب وقتها، والمقدمة جزء من كلمة ألقاها في جامعة المنيا عندما كان وزيرًا للتربية والتعليم، وفي وقت صدورها كانت هناك مناقشات دائرة حول مشكلات التعليم العام في مصر.

[4] كانت أولها الطبعة التي صدرت عن دار الكتب والوثائق القومية في سلسلة الثورة والحرية، وكان يشرف على تحريرها الدكتور أحمد زكريا الشّلق أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، وهي مصورة عن طبعة دار المعارف الثانية، لكنها صدرت بدون تقديم الدكتور أحمد فتحي سرور.

[5] رفاعة رافع: كتاب المرشد الأمين للبنات والبنين، ط. 1، مطبعة المدارس الملكية، القاهرة، 1292 هجرية؛ وقد صدرت عدة طبعات من الكتاب في السنوات الأخيرة، بعضها مصورة عن الطبعة الأولى.

[6] سليمان حزين: مستقبل الثقافة في مصر العربية، ط. 1، دار الشروق، القاهرة، 1994.

[7] شهدت مرحلة التسعينيات من القرن الماضي مناقشات موسعة حول مشكلات منظومة التعليم في مصر في الفترة التي تولى فيها الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزارة التربية والتعليم وحاول أن يقوم بعملية إصلاح واسعة في المنظومة التعليمية خلال فترة توليه الوزارة.

[8] طرح فكرة المقارنة بين كتابي طه حسين وسليمان حزين الدكتور حامد عيد (مستشارنا الثقافي السابق بالمغرب ومؤسس مركز تاريخ العلوم بكلية العلوم بجامعة القاهرة والأستاذ بالكلية) في أكثر من مقال ومداخلة له.

[9] هناك كتاب لوكيل نظارة المعارف يعقوب بك أرتين صدر سنة 1894 بالفرنسية، وترجمه علي بهجت إلى العربية في نفس العام، ويتناول فيه أوضاع التعليم العام في مصر، لكنه أقرب إلى تقرير عن الواقع منه خطة للمستقبل؛ يعقوب أرتين: القول التام في التعليم العام، ترجمة: علي بهجت، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1894، هذا وقد أعيد طبع الكتاب في نسخة مصورة في سلسلة ميراث الترجمة، التي تصدر عن المركز القومي للترجمة، كما أعادت نشره مؤخرًا مؤسسة هنداوي.

[10] اللجنة الدولية للتعاون الفكري (CICI)، جهاز تابع لعصبة الأمم كان مقرها الرئيسي بجنيف، واستمرت بين عامي 1922 و1946، وكانت لجنتها التنفيذية هي المعهد الدولي للتعاون الفكري (IICI)، ومقرها بباريس، وتأسست في عام 1925، واستمرت في عملها حتى عام 1946، وتعتبر اللجنة وهيئتها التنفيذية من الهيئات التي مهدت لتأسيس منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم؛ انظر:

https://web.archive.org/web/20170730044004/http://www.unesco.org:80/new/ar/education/about-us/who-we-are/history/

[11] كان عيد الجهاد الوطني يوافق يوم 13 نوفمبر من كل عام، ذكرى اليوم الذي توجه فيه سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي للقاء السير وينجت المعتمد البريطاني في مصر، لمطالبته بإنهاء الأحكام العرفية والسماح لهم بالسفر إلى مؤتمر الصلح في باريس للمطالبة باستقلال مصر، ويعتبر ذلك اليوم نقطة الانطلاق لثورة 1919، وقد ظلت مصر تحتفل بهذا اليوم كعيد من أعيادها الوطنية حتى عام 1953.

[12] لمزيد من التفاصيل حول الأحداث التي مرت بها مصر بين عامي 1930 و1936، انظر: عبد الرحمن الرافعي: في أعقاب الثورة المصرية ثورة 1919، ج2، ط3، دار المعارف، القاهرة، 1988؛ عبد العظيم رمضان: تطور الحركة الوطنية في مصر من سنة 1918 إلى سنة 1936، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1968؛ ضياء الدين الريس: الدستور والاستقلال والثورة الوطنية، جزءان، مطبوعات الشعب، القاهرة، 1975 و1976؛ حمادة إسماعيل: انتفاضة 1935 بين وثبة القاهرة وغضبة الأقاليم، دار الشروق، القاهرة، 2005؛ عاصم محروس: الطلبة والحركة الوطنية في مصر 1922 ـ 1952، دار الكتب والوثائق القومية، 2009.

[13] لا توجد في الطبعة الأولى عناوين لموضوعات الكتاب، مجرد أرقام لموضوعات من رقم واحد إلى رقم ستين، بينما كان الفهرس يتضمن ملخصًا شديد الإيجاز لكل موضوع، وقد أضيفت العناوين في الطبعة الثانية الصادرة عن دار المعارف، وجميع العناوين مأخوذة من ملخص الموضوعات بالفهرس.

[14] ظهرت دعوة الرابطة الشرقية في عشرينيات القرن العشرين، انظر:

https://shamela.ws/book/6947/3260

https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=11052021&id=7b2c38b1-34a6-40eb-9e74-0fdc05712e22

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا

  أسئلة العميد الماضي الذي ما زال حيًا عماد أبو غازي   إذا كنا نحي هذا العام الذكرى الخمسين لرحيل طه حسين، فهناك مناسبة أخرى مرتبطة به ت...